غير مخالف لما صح عنه من طريق مجاهد لان معنى قوله لم يأت أهلها بعد أي أن الناس اليوم يتباذلون ولا يمنعون وسيأتي زمان يمنعونه، ولا يحتمل البتة قول ابن عباس الا هذا الوجه وبالله تعالى التوفيق * وأما منع ذلك لمدة مسماة فلانه شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل، وكذلك من أعار أرضا للبناء فيها أو حائطا للبناء عليه فله أخذه بهدم بنائه متى أحب بلا تكليف عوض لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن دماءكم وأموالكم عليكم حرام) وأن من أضاع ما يستعير أو جحده ولم يؤمن ذلك منه فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهى عن إضاعة المال ونهى الله تعالى عن التعاون على الاثم والعدوان فلا يجوز عونه على ذلك وبالله تعالى التوفيق * 1650 مسألة والعارية غير مضمونة ان تلفت من غير تعدى المستعير وسواء ما غيب عليه من العوارى وما لم يغب عليه منها فان ادعى عليه أنه تعدى أو أضاعها حتى تلفت أو عرض فينا عارض فان قامت بذلك بينة أو أقر ضمن بلا خلاف وان لم تقم بينة ولا أقر لزمته العين وبرئ لأنه مدعى عليه وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين على المدعى عليه * وأما تضمينها فان الناس اختلفوا فقالت طائفة: كما قلنا، وقالت طائفة: هي مضمونة على كل حال بأي وجه تلفت، وقالت طائفة: لا يضمن الا أن يشترط المعير ضمانها فيضمن حينئذ، وقالت طائفة: لا ضمان على المستعير غير المغل يعنى المتهم وقال قائل: اما ما غيب عليه كالحلي والثياب ونحو ذلك فيضمن جملة، وقد روى عنه أنه قال:
ان قامت له بينة بأنها تلفت من غير فعله فلا ضمان عليه وان لم تقم بينة فهو ضامن وأما ما ظهر كالحيوان ونحوه فلا ضمان فيه ما لم يتعد * قال أبو محمد: وهذا قول مالك وما نعلم له فيه سلفا الا عثمان البتي وحده وما نعلم لهم حجة أصلا الا أنهم قالوا: نتهم المستعير فيما غاب فقلنا: ليس بالتهمة تستحل أموال الناس لأنها ظن والله تعالى قد أنكر اتباع الظن فقال تعالى: (إن يتبعون الا الظن وان الظن لا يغنى من الحق شيئا) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والظن فان الظن أكذب الحديث) ويلزمكم إذا أعملتم الظن أن تضمنوا المتهم ولا تضمنوا من لا يتهم كما يقول شريح ويلزمكم أن تضمنوا الوديعة أيضا بهذه التهمة، وفساد هذا القول أظهر من أن يتكلف الرد عليه بأكثر مما أوردنا وبالله تعالى التوفيق * وقال بعضهم: قسناه عليه الرهن فقلنا: هذا قياس للخطأ على الخطأ وحجة لقولكم بقولكم وكلاهما خطأ، وقال بعضهم: