وزوجني الله عز وجل من فوق سبع سماوات، فهذا إسناد صحيح مبين ان جميع نسائه عليه السلام إنما زوجهن أولياؤهن حاش زينب رضى الله تعالى عنها فان الله تعالى زوجها منه عليه الصلاة والسلام، وصح بهذا ان معنى قول أم حبيبة رضي الله عنها ان النجاشي زوجها أي تولى أمرها وما تحتاج إليه وكان العقد بحضرته وقد كان هنالك أقرب الناس إليها عثمان بن عفان بن أبي العاصي بن أمية. وعمرو وخالد ابنا سعيد بن العاصي بن أمية فكيف يزوجها النجاشي بمعنى يتولى عقد نكاحها وهؤلاء حضور راضون مسرورون آذنون في ذلك بيقين لا شك فيه؟ وأما تزويجه عليه الصلاة والسلام المرأة بتعليم سورة من القرآن فليس في الخبر أنه كان لها ولى أصلا فلا يعترض على اليقين بالشكوك، وهكذا القول في كل حديث ذكروه كخبر نكاح ميمونة أم المؤمنين وإنما جعلت أمرها إلى العباس فزوجها منه عليه الصلاة والسلام، ونكاح أبى طلحة أم سليم رضي الله عنها على الاسلام فقط أنكحها إياه أنس بن مالك وهو صغير دون عشر سنين فهذا كله منسوخ بابطاله عليه الصلاة والسلام النكاح بغير ولى، وسائر الأحاديث التي فيها أن نساءا أنكحن بغير اذن أهلهن فرد عليه الصلاة والسلام نكاحهن وجعل إليهن إجازة ذلك ان شئن فكلها أخبار لا تصح اما مرسلة واما من رواية علي بن غراب وهو ضعيف، فظهر صحة قولنا وبالله تعالى التوفيق * وأما قولنا: إنه لا يجوز انكاح الابعد من الأولياء مع وجود الأقرب فلان الناس كلهم يلتقون في أب بعد إلى آدم عليه السلام بلا شك فلو جاز انكاح الابعد مع وجود الأقرب لجاز انكاح كل من على وجه الأرض (1) لأنه يلقاها بلا شك في بعض آبائها، فان حدوا في ذلك حدا كلفوا البرهان عليه ولا سبيل إليه فصح يقينا أنه لا حق مع الأقرب للأبعد، ثم إن عدم فمن فوقه بأب هكذا ابدا ما دام يعلم لها ولى عاصب كالميراث ولا فرق * واما إن كان الولي غائبا فلا بد من انتظاره، فان قالوا:
ان ذلك يضر بها قلنا: الضرورة لا تبيح الفروج وقد وافقنا المالكيون على أنه إن كان للزوج الغائب مال ينفق منه على المرأة لم تطلق عليه وان أضرت غيبته بها في فقد الجماع وضياع كثير من أمورها، ووافقنا الحنيفيون في أنه وان لم يكن له مال فإنها لا تطلق عليه ولا ضرر أضر من عدم النفقة، ثم نسألهم في حد الغيبة التي ينتظرون الولي فيها من الغيبة التي لا ينتظرونه فيها فإنهم لا يأتون الا بفضيحة وبقول لا يعقل وجهه وبالله تعالى نتأيد * 1822 مسألة وللأب أن يزوج ابنته الصغيرة البكر ما لم تبلغ بغير اذنها ولا خيار لها إذا بلغت فإن كانت ثيبا من زوج مات عنها أو طلقها لم يجز للأب ولا لغيره