ان مات عقدا مأمورا بالوفاء به وما هذه صفته فلا يحل الرجوع فيه، وأما سائر الوصايا فإنما هي مواعيد والوعد لا يلزم انفاذه على ما ذكرنا في باب النذر من هذا الديوان والحمد لله رب العالمين * وأما الوصية بان يعتق عنه رقبة غير معينة فإنما هو أمر وهم بحسنة فلم ينفذها فله ذلك وليس عقدا وبالله تعالى التوفيق * وأما إذا أخرجه عن ملكه فقد فعل ما هو مباح له فإذ صار في ملك غيره فقد بطل عقده فيه لقول الله تعالى: (ولا تكسب كل نفس الا عليها) فان عاد إلى ملكه لم يرجع العقد لان ما بطل بواجب فلا يعود الا بنص ولا نص في عودته فلو أخرج بعضه عن ملكه بطل العقد فيما سقط ملكه عنه وبقى العقد فيما بقي في ملكه * 1766 - مسألة - ومن أوصى لام ولده ما لم تنكح فهو باطل الا أن يكون يوقف عليها وقفا من عقاره فان نكحت فلا حق لها فيه لكن يعود الوقف إلى وجه آخر من وجوه البر فهذا جائز وقد اختلف الناس في هذا فروينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري فيمن أوصى لأمهات أولاده بأرض يأكلنها فان نكحن فهي للورثة قال:
تجوز وصيته على شرطه، وقال أبو حنيفة: ان أوصى لام ولده بمال سماه على أن لا تتزوج أبدا قال: ان تزوجت فلا شئ لها وهو قول مالك * قال أبو محمد: هذا كله خطأ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) وهذا شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وأيضا فإنه لا يعلم هل يستحق هذه الوصية أم لا الا بموتها وهي بعد الموت لا تملك شيئا ولا تستحقه، وأيضا فلا يخلو من أن تكون ملكت ما أوصى لها به أو لم تملكه فإن كانت ملكته فلا يجوز إزالة ملكها عن يدها بعد صحته بغير نص في ذلك وإن كانت لم تملكه فلا يحل أن تعطى ما ليس لها ولا بد من أحد الوجهين، وأما ادخالها في الوقف بصفة فهذا جائز لأنه تسبيل وقوف فيه عند حد المسبل وليس تمليكا لرقبة الوقف ولا يجوز أن يؤخذ منها ما استحقت من غلة الوقف قبل أن تتزوج لأنها قد ملكته، فلو أوصى بذلك كانت وصيته بذلك باطلا * 1767 - مسألة - ومن أوصى بعتق رقيق له لا يملك غيرهم أو كانوا أكثر من ثلاثة لم ينفذ من ذلك شئ الا بالقرعة فمن خرج سهمه صح فيه العتق سواء مات العبد بعد الموصى وقبل القرعة أو عاش إلى حين القرعة ومن خرج سهمه كان باقيا علي الرق سواء مات قبل القرعة أو عاش إليها فان شرع السهم في بعض مملوك عتق منه ما حمل الثلث بلا استسعاء وعتق باقيه واستسعى للورثة في قيمه ما بقي منه بعد الثلث فلو سماهم بأسمائهم بدئ بالذي سمى أولا فأولا فإذا تم الثلث رق الباقون فلو شرع العتق في بعض مملوك أعتق كله واستسعى للورثة فيما زاد منه على الثلث فلو أعتق جزءا مسمى