والظلم لا يحل اقراره والخطأ لا يجوز امضاؤه * 1775 مسألة ولا يحل أن يلي القضاء والحكم في شئ من أمور المسلمين وأهل الذمة الا مسلم بالغ عاقل عالم بأحكام القرآن. والسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وناسخ كل ذلك ومنسوخه وما كان من النصوص مخصوصا بنص آخر صحيح لان الحكم لا يجوز الا بما ذكرنا لما ذكرنا قبل فإذا لم يكن عالما بما لا يجوز الحكم الا به لم يحل له أن يحكم بجهله بالحكم ولا يحل له إذا كان جاهلا بما ذكرنا ان يشاور من يرى أن عنده علما ثم يحكم بقوله لأنه لا يدرى أفتاه بحق أم بباطل، وقد قال الله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) فمن أخذ بما لا يعلم فقد قفا ما لا علم له به وعصى الله عز وجل وليس هذا بمنزلة الجاهل من العامة تنزل به النازلة فيسأل من يوصف له بعلم القرآن والسنة ويأخذ بقوله بعد أن يخبره انه حكم الله تعالى في كتابه أو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ان العامي مكلف في تلك النازلة عملا ما قد افترضه الله عليه ولم يفسح له في اهماله فعليه في ذلك ان يبلغ في ذلك حيث بلغ وسعه من العلم ما لم يلزمه قال الله تعالى: (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) وأما الحاكم فبضد هذا لأنه غير مكلف ما لا يدرى من الحكم بين غيره من الناس بل هو محرم عليه ذلك وإنما كلفه الله تعالى سواه من أهل العلم * 1776 مسألة ولا يحل الحكم بقياس ولا بالرأي (1) ولا بالاستحسان ولا بقول أحد من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ان يوافق قرآنا أو سنة صحيحة لان كل ذلك حكم بغالب الظن، وقد قال الله تعالى: (ان الظن لا يغنى من الحق شيئا) وقال تعالى:
(ان يتبعون الا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والظن فان الظن أكذب الحديث)، فان قيل. فإنكم في أخذكم بخبر الواحد متبعون للظن قلنا: كلا بل للحق المتيقن قال تعالى: (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) وقال تعالى: (وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى)، فان قيل: فإنكم في الحكم بالبينة واليمين حاكمون بالظن قلنا: كلا بل بيقين (2) ان الله تعالى أمرنا بذلك نصا وما علينا من مغيب الامر شئ إذ لم نكلفه، وأيضا فإنه لا يخلو ما أوجبه القياس أو ما قيل برأي أو استحسان أو تقليد قائل من أحد أوجه ثلاثة (3) لا رابع لها ضرورة اما أن يكون ذلك موافقا لقرآن أو لسنة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا إنما يحكم فيه بالقرآن أو بالسنة ولا معنى لطلب قياس أو رأى أو قول قائل موافق لذلك ومن لم يحكم بالقرآن أو بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الا حتى يوافق ذلك قياس أو رأى أو