ملكه لها وكمال عطيته عليه السلام له إذ عرف عليه الصلاة والسلام عينها أو صفتها أو قدرها ومن هي، فان قيل: فقد رويتم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أنه عليه السلام اشترى صفية من دحية وقد وقعت في سهمه بسبعة أرؤس قلنا: كلا الخبرين عن أنس صحيح وتأليفهما ظاهر، وقوله: انها وقعت في سهمه إنما معناه بأخذه إياها إذ سأل النبي صلى الله عليه وسلم جارية من السبي فقال له: اذهب فخذ جارية وبلا شك أن من أخذ شيئا لنفسه بوجه صحيح فقد وقع في سهمه، وقوله اشتراها عليه السلام بسبعة ارؤس يخرج على أحد وجهين أحدهما، أنه عليه السلام عوضه منها فسمى أنس ذلك الفعل شراء، والثاني أن دحية إذ أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: خذ غيرها قد سأله إياها وكان عليه السلام لا يسأل شيئا الا أعطاء فأعطاه إياها فصحت له وصح وقوعها في سهمه ثم اشتراها منه بسبعة ارؤس ولا شك في صحة الخبرين، ولا يمكن الجمع بينهما لصحتهما الا كما ذكرنا، وما لا شك فيه فلا شك فيما لا يصح إلا به وبالله تعالى نتأيد * فان ذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر: لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا قلنا: هذه عدة لا عطية وقد أنفذ أبو بكر رضي الله عنه هذه العدة بعد موته عليه السلام وهم لا يختلفون في أن من قال ذلك ثم مات لم ينفد قوله بعد موته وهذا قول سليمان وأصحابنا وبالله تعالى التوفيق * 1626 مسألة ومن كان له عند آخر حق في الذمة دراهم أو دنانير أو غير ذلك أو أي شئ كان فقال له: قد وهبت لك مالي عندك أو قال قد أعطيتك مالي عندك أو قال لآخر قد وهبت لك مالي عند فلان أو قال: أعطيتك مالي عند فلان فلا يلزم شئ من ذلك لما ذكرنا لأنه لا يدرى ذلك الحق الذي له عند فلان (1) في أي جوانب الدنيا هو ولعله في ملك غيره الآن وإنما يجوز هذا بلفظ الابراء أو العفو أو الاسقاط أو الوضع، ويجوز أيضا بلفظ الصدقة للحديث الذي رويناه من طريق مسلم نا قتيبة نا ليث هو ابن سعد عن بكير - هو ابن الأشج - عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري قال: (أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا عليه فهذا عموم للغرماء وغيرهم، فان ذكروا قول الله عز وجل: (لأهب لك غلاما زكيا) قلنا: أفعال الله (2) تعالى وهباته لا يقاس عليها أفعال خلقه، ولا هباتهم لأنه تعالى لا آمر فوقه ولا شرع يلزمه بل يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه فكيف وذلك الغلام الموهوب مخلوق (3) مركب من نفس موجودة قد تقدم خلقها ومن تراب وما تتغذى به أمه قد تقدم خلق كل ذلك، وكذلك الهواء وقد أحاط الله تعالى علما بأعيان كل ذلك بخلاف خلقة والكل
(١١٧)