(وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى * وما كان ربك نسيا * ولتبين للناس ما نزل إليهم) فهذا هو البيان الذي لا يحتاج إلى غيره لا كالآراء المتخاذلة والدعاوى الفاسدة، وأما خبر جابر فليس لهم فيه متعلق لان معنى قوله رضي الله عنه لسيدهما ان يجمع بينهما ويفرق فقول صحيح له أن يجمع بينهما بان يهبها له وله أن يفرق بينهما بان ينتزعها منه كما ينتزع سائر ماله وكسبه، وأما قول إبراهيم فلا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم * 1835 مسألة وكل ثيب فاذنها في نكاحها لا يكون الا بكلامها بما يعرف به رضاها وكل بكر فلا يكون اذنها في نكاحها الا بسكوتها فان سكتت فقد أذنت ولزمها النكاح فان تكلمت بالرضا أو بالمنع أو غير ذلك فلا ينعقد بهذا نكاح عليها * برهان ذلك ما ذكرناه قبل من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في البكر: (اذنها صماتها) وما رويناه عن مسلم حدثني عبيد الله بن عمر القواريري نا خالد بن الحارث نا هشام هو الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير نا أبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف نا أبو هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا: يا رسول الله وكيف اذنها؟ قال: ان تسكت) * قال أبو محمد: فذهب قوم من الخوالف إلى أن البكر أن تكلمت بالرضى فان النكاح يصح بذلك خلافا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى الصحابة رضي الله عنهم فسبحان الذي أوهمهم أنهم أصح اذهانا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوقع في نفوسهم انهم وقفوا على فهم وبيان غاب عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم نعوذ بالله عن مثل هذا، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه أبطل النكاح كما تسمعون عن البكر ما لم تستأذن فتسكت وأجازه إذا استأذنت فسكتت بقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تنكح البكر حتى تستأذن واذنها صماتها) وأما الصحابة فإنهم كما أوردنا في الخبر المذكور آنفا لم يعرفوا ما اذن البكر حتى سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه والا فكان سؤالهم عند هؤلاء فضولا وحاش لهم من ذلك فتنبه هؤلاء لما لم يتنبه له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نبه عنه عليه السلام وهذا كما ترون، وما علمنا أحدا من السلف روى عنه أن كلام البكر يكون رضى، وقد روينا عن عمر بن الخطاب. وعلى وغيرهما ان أذنها هو السكوت، ومن عجائب الدنيا قول مالك: ان العانس البكر لا يكون اذنها الا بالكلام، وهذا مع مخالفته لنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي غاية الفساد لأنه أوجب فرضا على العانس ما أسقطه عن غيرها فلوددنا أن يعرفونا الحد الذي إذا بلغته المرأة انتقل فرضها إلى ما ذكر، وبالله تعالى التوفيق *
(٤٧١)