غائب بل فيها أن لا يقضى على حاضر بدعوى خصمه دون سماع حجته، وهذا شئ لا نخالفهم فيه، ولا يجوز أن يقضى على حاضر ولا غائب بقول خصمه لكن بالذي أمر الله تعالى به من البينة العدلة فقط فظهر عظيم تمويههم بالباطل ونعوذ بالله من الخذلان * ومن العجائب انهم قد خالفوا هذه الآثار التي موهوا بها في مكان آخر وهو أنهم قضوا على الغائب باقرار وكيله عليه وليس هذا في شئ من الاخبار أصلا، وأما تمويههم بعمر فإنه لا يصح عنه أيضا لأنه من طريق محمد الغفاري عن ابن أبي ذئب الجهني ولا يدرى من هما في خلق الله تعالى، ثم عن عمرو بن عثمان بن عفان عن عمر ولم يولد عمرو الا ليلة موت عمر: وأيضا فكم قضية لعمر. وعلى قد خالفوها حيث لا يجوز خلافها، وأيضا فلو صح عن عمر فليس فيه الا أن لا يقضى على غائب بدعوى خصمه وهذا حق لا ننكره، وأيضا فان الصحيح عن عمر. وعثمان القضاء على الغائب إذا صح الحق قبله ولا يصح عن أحد من الصحابة خلاف ذلك، وأما عن عمر بن عبد العزيز فإنما ذكر عن لقمان كلاما وأين لقمان من أيام عمر، ثم ليس فيه الا أن لا يقضى على غائب بدعوى خصمه فقط، وهكذا نقول، وكم قصة خالفوا فيها قضاء عمر بن عبد العزيز وغيره، وأما شريح فإنه لا يصح عنه لأنه عن مجالد ومجالد ضعيف، والطريق الأخرى إنما فيها انه لا يلقن خصما فقط ولو صح لما كان في أحد دون رسول الله صلى اله عليه وسلم حجة فلم يبق لهم شئ يعلقون به فسقط قولهم لتعريه من البرهان ووجدنا الله تعالى يقول: (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) فلم يخص تعالى حاضرا من غائب، وقال تعالى: (وأقيموا الشهادة لله) فلم يخص تعالى حاضرا من غائب فصح وجوب الحكم على الغائب كما هو على الحاضر، وما ندري في الضلال أعظم من فعل حاكم شهد عنده العدول بان فلانا الغائب قتل زيدا عمدا أو خطأ أو انه غصب هذه الحرة أو تملكها أو انه طلق امرأته ثلاثا أو انه غصب هذه الأمة من هذا أو تملك مسجدا أو مقبرة فلا يلتفت إلى كل ذلك وتبقى في ملكه الحرة والفرج الحرام. والمال الحرام ألا ان هذا هو الضلال المبين والجور المتيقن والفسق المتين والتعاون على الاثم والعدوان، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم على الغائب كما حكم على العرنيين الذين قتلوا الرعاء وسملوا أعينهم وفروا فاتبعهم يقائف وهم غيب حتى أدركوا واقتص منهم، وعلى أهل خيبر وهم غيب بان يقيم الحارثيون أولياء عبد الله بن سهل رضي الله عنه البينة أو يحلف خمسون منهم على قاتله من أهل خيبر ويسلم إليهم أو يودوا ديته أو يحلف خمسون من يهود انهم ما قتلوه ويبرءون، والخبر المشهور الذي رويناه من طرق منها عن أحمد بن شعيب أنا اسحق
(٣٦٩)