تضييعه فهو إضاعة للمال ولابد له من أخده أو أن يبيحه لغيره والا فهو غاش غير ناصح لأخيه المنصف له وبالله تعالى التوفيق * وأما من منع حقه ولم يعطه فليس سقوطه عن طلبه قطعا لحقه ولو سكت عمره كله، ولا يختلفون فيمن غصب مالا أو كان له دين أو ميراث أو حق ما فان سقوطه عن طلبه لا يبطله وانه على حقه أبدا فمن أين خصوا حق الشفعة من سائر الحقوق بهذه التخاليط؟ * 1597 مسألة فان أخذ الشفيع حقه لزم المشترى رد ما استغل وكان كل ما أنفذ فيه من هبة أو صدقة (1) أو عتق. أو حبس. أو بنيان. أو مكاتبة. أو مقاسمة فهو كله باطل مردود مفسوخ أبدا وتقلع أنقاضه (2) ليس له غير ذلك لا سيما المخاصم المانع فان هذا غاصب ظالم متعد مانع حق غيره بلا مرية فان ترك الشريك الاخذ بالشفعة نفذ كل ذلك وصح ولم يرد شيئا منه وكانت الغلة له هذا إذا كان ايذانه الشريك ممكنا له أو للبائع حين اشترى فإن لم يكن ايذان الشريك ممكنا للبائع لعذر ما أو لتعذر طريق فان الشفعة للشريك متى طلبها وليس على المشترى (3) رد الغلة حينئذ لكن كل ما أحدث فيه مما ذكرنا فمفسوخ (4) ويقلع بنيانه ولابد * برهان ذلك قوله عليه السلام الذي أوردنا قبل: لا يصلح أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فلا يخلو بيع الشريك قبل إن يؤذن شريكه من أحد أوجه ثلاثة لا رابع لها، إما أن يكون باطلا وان صححه الشفيع بتركه الشفعة وهذا باطل لأنه لو كان ذلك لوجب عليه رد الغلة على كل حال أخذ الشفيع أو ترك والخبر يوجب غير هذا بل يوجب أن الشريك أحق وانه ان ترك فله ذلك فلو كان البيع باطلا لاحتاج إلى تجديد عقد آخر وهذا خطأ أو يكون صحيحا حتى يبطله الشفيع بالاخذ وهذا باطل بقوله عليه الصلاة والسلام: لا يصلح، فمن الباطل أن يكون صحيحا ما أخبر عليه الصلاة والسلام انه لا يصلح أو يكون موقوفا فان أخذ الشفيع بالشفعة علم أن البيع وقع باطلا وان ترك حقه علم أن البيع وقع صحيحا وهذا هو الصحيح لبطلان الوجهين الأولين لقوله (5) عليه السلام: (الشريك أحق) فصح أن للمشترى (6) حقا بعد حق الشفيع فصح ما قلناه وبالله تعالى التوفيق * ونسأل من خالف في هذا متى كان الشفيع أحق أحين أخذ أم حين رد البيع؟ فان قالوا:
من حين أخذ قلنا: هذا باطل لأنه خلاف حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جعله أحق حين البيع فإذ هو أحق حين البيع فإذا أخذ فقد أخذ حقه من حين البيع، وأما إذا لم يمكن للبائع اعلام الشريك فان الله تعالى يقول: (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: