ولم يستثن في ذلك نكول المطلوب ولا رد اليمين أصلا * ومن طريق أبى عبيد نا عبد الرحمن ابن مهدي نا سفيان الثوري عن أبي إسحاق الشيباني عن الحكم بن عتيبة قال: لا أرد اليمين * ومن طريق الكشوري عن الحذافي عن عبد الرزاق نا سفيان الثوري قال: كان ابن أبي ليلى: والحكم بن عتيبة لا يريان اليمين يعنى لا يريان ردها على الطالب إذا نكل المطلوب، وقد ذكرنا قول أبي حنيفة ان المدعى عليه بالدم يأبى عن اليمين انه لا يرد اليمين على الطالب ولا يقضى عليه بالنكول لكن يسجن أبدا حتى يحلف وهو قول مالك فيمن ادعت عليه امرأته طلاقا وأمته أو عبده عتاقا وأقاموا شاهدا واحدا عدلا بذلك أنه يلزمه اليمين وانه لا يقضى عليه بالنكول ولا برد اليمين لكن يسجن أبدا حتى يحلف وهو قول أبى سليمان. وأصحابنا في كل شئ * قال أبو محمد: فان قيل: فإنكم رددتم الرواية في رد اليمين بأنها عن الشعبي ولم يدرك عثمان ولا المقداد ولا عمر ثم ذكرتم لأنفسكم رواية حكومة كانت بين عمر.
وأبى قلنا: لم نورد شيئا من هذا كله احتجاجا لأنفسنا في تصحيح ما قلنا ونعوذ بالله من أن نرى في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة في الدين ولكن تكذيبا لمن قد سهل الشيطان له الكذب على جميع الأمة في دعوى الاجماع مجاهرة حيث لا يجد الا روايات كلها هالكة بظنون كاذبة على ثلاثة من الصحابة قد روى مثلها بخلافها عن ثلاثة أخرين منهم فأريناهم لأنفسنا مثلها بل أحسن منها عن ثلاثة أيضا منهم أو أربعة الا أن الموافقة لقولنا أصح لأنها عن الشعبي في ذكر قضية بين عمر وأبى قضى فيها زيد بن ثابت بينهما، والشعبي قد لقى زيد بن ثابت وصحبه وأخذ عنه كثيرا فهذه أقرب بلا شك إلى أن تكون مسندة من تلك التي لم يلق الشعبي أحدا ممن ذكر في تلك القصة ولا أدركه بعقله * قال أبو محمد: ومن العجب العجيب أن يجوز أهل الجهل والغباوة لأبي حنيفة ان لا يقضى بالنكول ولا برد اليمين لكن بالاخذ باليمين ولا بد في بعض الدعاوى دون بعض برأيه ويجوز مثل ذلك لمالك في دعوى الطلاق والعتاق ولا يجوز لمن اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في جميع الدعاوى ان هذا لعجب * قال أبو محمد: فإذ قد بطل القول بالقضاء بالنكول والقول برد اليمين على الطالب إذا نكل المطلوب لتعري هذين القولين عن دليل من القرآن أو من السنة وبطل أن يصح في أحدهما قول عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم فالواجب ان نأتى بالبرهان على صحة قولنا وبالله تعالى التوفيق * قال أبو محمد: قد صح ما قد أوردناه آنفا من قول النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء باليمين على