أين صارت أوكد عندك وأنت قد أخرجتها عن حكم الفرض الذي لا يحل اضاعته إلى حكم الوصايا فبل التأكيد على قولك الفاسد ووجب أن يكون كسائر الوصايا ولا فرق ويكون كل ذلك خارجا عن حكم الوصايا وباقيا علي حكم الفرض الذي لا يسع تعطيله فلم جعلتها من الثلث ان أوصى بها أيضا؟ وما هذا الخبط والتخليط بالباطل في دين الله عز وجل * واما قول أبى يوسف فآبدة في تقديمه الزكاة على الحج فان قال: الزكاة حق في المال والحج على البدن قيل: فلم أدخلته في الوصايا إذا وهلا منعت من الوصية به كما منع من ذلك أيوب السختياني. والقاسم بن محمد. والنخعي وروى أيضا عن ابن عمر، فان قيل: للنص الوارد في ذلك قيل: فذلك النص يوجب أنه من رأس المال وهو خلاف قولك الفاسد وهذا نفسه يدخل على محمد بن الحسن في تقديمه ذلك على سائر الوصايا * وأما قول مالك فأفحشها تناقضا وأوحشها وأشدها فسادا لأنه قدم بعض الفرائض على بعض بلا برهان فقدم بعض التطوع على بعض الفرائض بلا برهان وصار كله لا متعلق له بشئ من وجوه الأدلة أصلا مع أنه قول لا يعرف عن أحد من خلق الله تعالى قبله نعنى ذلك الترتيب الذي رتب واطرف شئ قوله اقراره لمن لا يجوز له اقراره فكيف يجوز ما هو مقر انه لا يجوز ان هذا العجب عجيب * قال على: فان قال قائل: لو كان قولكم لما شاء أحد أن يحرم ورثته ماله الا قدر على ذلك بان يضع فروضه ثم يوصى بها عند موته قلنا له: ان تعمد ذلك فعليه اثمه ولا تسقط عنه معصيته حقوق الله: تعالى إذ لم يأمر الله تعالى باسقاط حقوقه من اجل ما ذكرتم ثم نقول لهم: هلا احتججتم على أنفسكم بهذا الاحتجاج نفسه إذ قلتم: ان ديون الناس من رأس المال فنقول لكم: لو كان هذا لما شاء أحد أن يحرم ورثته الا أقر في صحته لمن شاء بما يستوعب ماله ثم يظهر ذلك بعد موته ولا فرق ويقال لكم أيضا: لو كان قولكم لما شاء أحد أن يبطل حقوق الله تعالى وحقوق أهل الصدقات ويهنى ذلك ورثته الا قدر على ذلك ثم إن اعتراضهم بذلك المذكور في غاية الفساد لأنه ابطال لأوامر الله تعالى وفرائضه، فان ذكروا ما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لأعرفن امرءا بخل بحق الله حتى إذا حضره الموت أخذ يدغدغ ماله ههنا وههنا) قلنا:
هذا حديث باطل لأنه لم يسند قط ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة لأنه ليس فيه سقوط حقوق الله تعالى من أجل بخله به إلى أن يموت إنما فيه انكار ذلك على من فعله فقط، ونعم فهو منكر بلا شك وحقوق الله تعالى نافذة في ماله ولا بد وبالله تعالى التوفيق * 1765 - مسألة - وجائز للموصى أن يرجع في كل ما أوصى به الا الوصية بعتق