عليه بينة ولم يكن له الا الدعوى قضى عليه بالعتق وأما بينه وبين الله تعالى فلا يلزمه لقول الله تعالى: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) فصح أن السكران لا يعلم ما يقول ومن لا يعلم ما يقول لم يلزمه ما يقول حتى لو كفر بكلام لا يدرى ما هو لم يلزمه ولقوله تعالى: (وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى) والمجنون والسكران والمكره لا نية لهم وكذلك من أخطأ لسانه وليس من هؤلاء أحد أخلص لله الدين بما نطق به من العتق فهو باطل، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ) وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (عفى لامتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وقال أبو حنيفة.
ومالك: عتق السكران جائز ولا حجة لهم أصلا الا أنهم قالوا: هو أدخل على نفسه ذلك بالمعصية فقلنا: نعم فكان ماذا؟ ومن أين وجب إذا ادخل على نفسه ذلك بالمعصية أن يلزمه ما لم يلزمه الله تعالى قط؟ وما تقولون فيمن حارب قاطعا للطريق فأصابته ضربة في رأسه خبلت عقله أتجيزون عتاقه؟ وهم لا يفعلون هذا وهو أدخله على نفسه وعمن تزنك عاصيا لله تعالى فقطع لحم ساقيه وكوى ذراعيه عبثا أتجيزون له الصلاة جالسا أم لا؟
لأنه أدخل على نفسه ذلك بالمعصية. وعمن سافر في قطع الطريق فلم يجد ماء وخاف ذهاب الوقت أيتيمم أم لا؟ وكل هذا ينقضون فيه هذا الأصل الفاسد، وقال أبو حنيفة:
عتق المكره جائز، وقال مالك. والشافعي: لا يلزمه وما نعلم للحنيفيين حجة أصلا إلا آثارا فاسدة في الطلاق خاصة وليس العتاق من الطلاق (1) والقياس باطل، واحتج بعضهم (بثلاث جدهن جد وهزلهن جد) فذكر بعضهم في ذلك العتاق وهو خبر مكذوب، ثم لو صح لم تكن لهم فيه حجة أصلا لأننا لسنا معهم فيمن هزل فأعتق إنما نحن معهم فيمن أكره فأعتق، وليس في هذا الخبر على نحسه ووضعه ذكر للاكراه ثم لا يجيزون بيع المكره ولا اقراره ولا هبته وهذا تناقض ظاهر وتمامها في التي بعدها (2) وبالله تعالى التوفيق * 1670 مسألة ومن أعتق إلى أجل مسمى قريب أو بعيد مثل أن يقول أنت حر غدا أو إلى سنة أو إلى بعد موتى أو إذا جاء أبى أو إذا أفاق فلان أو إذا نزل المطر أو نحو هذا فهو كما قال وله بيعه ما لم يأت ذلك الأجل فان باعه ثم رجع إلى ملكه فقد بطل ذلك العقد ولا عتق له بمجئ ذلك الأجل ولا رجوع له في عقده ذلك أصلا الا باخراجه عن ملكه لان هذا العتق اما وصية واما نذر وكلاهما عقد صحيح قد جاء النص بالوفاء بهما فلو علق