أرضا ظالما لقى الله يوم القيامة وهو عليه غضبان) * قال أبو محمد: هذا كل ما شغبوا به فأما خبر علقمة بن وائل فان راوي لفظة انطلق سماك بن حرب وهو ضعيف يقبل التلقين ثم ليس فيه أنه انطلق إلى المنبر وقد يريد انطلق في كلامه ليحلف ولا فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بالانطلاق ولا بالقيام ولا حجة في فعل أحد دون ان يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الخبران الأولان فليس فيهما الا تعظيم اليمين عند منبره عليه الصلاة والسلام فقط وليس فيهما انه أمر عليه الصلاة والسلام بأن لا يحلف المطلوب الا عنده ونحن لم نخالفهم في هذا ولو كان هذان الخبران يوجبان أن لا يحلف المطلوب الا عند منبره عليه الصلاة والسلام لكان مالك. والشافعي قد خالفاه في موضعين، أحدهما أنهما لا يحلفان عنده الا في مقدار ما من المال لا في أقل منه فليت شعري أين وجدا هذا؟ وليس في هذين الخبرين تخصيص الحلف عنده في عدد دون عدد بل فيه نص التسوية بين القليل والكثير في ذلك كما حدثنا حمام نا عبد الله بن محمد ابن علي الباجي نا عبد الله بن يونس نا بقي بن مخلد نا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبد الله بن نمير نا هاشم بن هاشم بن عتبة أخبرني عبد الله بن نسطاس انه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين آثمة ولو على سواك أخضر الا تبوأ مقعده من النار) فظهر خلافهم لهذا الخبر نفسه، والموضع الآخر انهما يحلفان من بعد في غيره من الجوامع فقد خالفا هذا الخبر أيضا، ولئن جاز أن لا يحلف من بعد عنه عليه انه لجائز فيما قرب أيضا ولا فرق وليس للبعد والقرب حد في الشريعة الا أن يحد حاد برأيه فيزيد في البلاء والشرع بما لم يأذن (1) به الله تعالى، وقد نجد من يشق عليه المشي لضعفه مائة ذراع ومن لا يشق عليه مشى خمسين ميلا فظهر فساد قولهم جملة، وأيضا فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصح طريق من هذين الخبرين ما روينا من طريق مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن معبد بن كعب بن مالك عن أخيه عبد الله ابن كعب عن أبي أمامة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار قالوا: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله قال:
وإن كان قضيبا من أراك) قالها ثلاثا * وروينا من طريق البزار نا أحمد بن منصور نا عبد الرحمن بن يونس نا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة فذكر فيهم ورجل حلف على يمين بعد صلاة العصر ليقتطع بها مال امرئ مسلم) *