لو سمعناه من الزهري لما وجب أن يتشاغل به ولقطعنا بأنه سمعه ممن لا خير فيه كسليمان ابن أرقم. وضربائه ونحن نبت ونقطع بأن عمر رضي الله عنه لم يندم على قبوله أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما اختاره له في تحبيس أرضه وتسبيل ثمرتها والله تعالى يقول: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) وليت شعري إلى أي شئ كان يصرف عمر تلك الصدقة لو ترك ما أمره به عليه الصلاة والسلام فيها حاش لعمر من هذا، وزادوا طامة وهي ان شبهوا هذا بتندم عبد الله بن عمرو بن العاص إذ لم يقبل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم ثلاثة أيام من كل شهر * قال أبو محمد: ليت شعري أين ذهبت عقولهم؟ وهل يندم عبد الله الا على ما يحق التندم عليه من تركه الامر الذي أشار به عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مرة ووقف عند المشورة الأخيرة وهذا ضد ما نسبوا (1) إلى عمر مما وضعه عليه من لا يسعد الله جده من رغبته عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة لا ندري إلى ماذا؟ فوضح فساد قول هؤلاء المحرومين جملة ولله الحمد * وأما قولنا جائز ان يسبل المرء على نفسه وعلى من شاء فلقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(ابدأ بنفسك فتصدق عليها) وقال لعمر: (تصدق بالثمرة) فصح بهذا جواز صدقته على نفسه وعلى من شاء، وهو قول أبى يوسف: وغيره وبالله تعالى التوفيق * 1653 مسألة ولا يبطل الحبس ترك الحيازة فان استغله المحبس ولم يكن سبله على نفسه فهو مضمون عليه كالغصب ولا يحل الا فيما أبقى غنى وهو جائز في المشاع وغير المشاع فيما ينقسم وفيما لا ينقسم والحجة في ذلك قد ذكرناها في كلامنا في الهبات والصدقات ولله الحمد كثيرا * 1654 مسألة والتسوية بين الولد فرض في الحبس لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(اعدلوا بين أبنائكم) فان خص به بعض بنيه فالحبس صحيح ويدخل سائر الولد في الغلة والسكنى مع الذي خصه * برهان ذلك أنهما فعلان متغايران بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحدهما تحبيس الأصل فباللفظ تحبيسه يصح لله تعالى بائنا عن مال المحبس، والثاني التسبيل والصدقة فان وقع فيها حيف رد ولم يبطل خروج الأصل محبسا لله عز وجل ما دام الولد أحياء، فإذا مات المخصوص بالحبس رجع إلى من عقب عليه بعده وخرج سائر الولد عنه لان المحاباة قد بطلت وبالله تعالى التوفيق * 1655 مسألة ومن حبس داره أو أرضه ولم يسبل على أحد فله أن يسبل الغلة ما دام حيا علي من شاء لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وسبل الثمرة) فله ذلك ما بقي