للإفادة كما إذا قال: له على درهم ودرهم إلا درهما، فقد أسقط الاستثناء من الدرهمين، درهما فلو رجع إلى الجملتين معا من الكلام صار عبثا ولغوا كما لو قال: له على درهم إلا درهما، فلا يقبل استثناؤه ذلك لأن الاستثناء يخرج من الجمل ما لولاه لصح دخوله تحته أو لوجب دخوله تحته على العبارتين واختلاف المقالتين بين من تكلم في أصول الفقه، وإذا كان الاستثناء الثاني معطوفا على الأول كانا جميعا راجعين إلى الجملة الأولى فلو قال: على عشرة إلا ثلاثة وإلا درهما، كان إقرارا بستة.
وإذا استثنى بما لا يبقى معه من المستثنى منه شئ كان باطلا على ما قدمناه لأنه يكون بمنزلة الرجوع عن الإقرار فلا يقبل وإن استثنى بمجهول القيمة كقوله: على عشرة إلا ثوبا، فإن فسر قيمته بما يبقى معه من العشرة شئ وإلا كان باطلا، ويجوز استثناء الأكثر من الأقل بلا خلاف إلا من ابن درستويه النحوي وابن حنبل، ويدل على صحته قوله تعالى: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين، وقال حكاية عن إبليس:
فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين، فاستثنى من عباده الغاوين مرة والمخلصين أخرى ولا بد أن يكون أحد الفريقين أكثر من الآخر.
إذا قال: على كذا درهم، بالرفع لزمه درهم واحد لأن التقدير هو درهم أي الذي أقررت به درهم، وإن قال: كذا درهم، بالخفض لزمه مائة درهم لأن ذلك أقل عدد يخفض ما بعده ولا يكون إقرارا بدون الدرهم لأنه أقل ما يضاف إلى الدرهم لأن ذلك ليس بعدد صحيح وإنما هو كسور، وإن قال: كذا درهما، لزمه عشرون درهما لأنه أقل عدد واحد ينصب ما بعده، وإن قال: كذا كذا درهما، لزمه أحد عشر درهما لأن ذلك أقل عددين ركبا وانتصب ما بعدهما، وإن قال: كذا وكذا، وأدخل بينهما الواو كان إقرارا بأحد وعشرين درهما لأن ذلك أقل عددين عطف أحدهما على الآخر وانتصب الدرهم بعدهما، والأولى عندي في هذه المسائل جميعها أن يرجع في التفسير إلى المقر لأن " كذا " لفظ مبهم محتمل ولا نعلق على الذمم شيئا بأمر محتمل والأصل براءة الذمة ولم يذكر هذه المسائل أحد من أصحابنا إلا شيخنا أبو جعفر في مبسوطه ومسائل خلافه وهذان الكتابان بعضهما فروع المخالفين وتخريجاتهم وأخبارنا خالية من ذلك وكذلك مصنفات أصحابنا إلا من اتبع