ويصح إقرار المريض الثابت العقل للوارث وغيره سواء كان بالثلث أو أكثر منه وإجماع أصحابنا منعقد على ذلك وأيضا قوله تعالى: كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم، والشهادة على النفس هي الإقرار ولم يفصل وعلى من ادعى التخصيص الدليل، ويصح الإقرار المبهم مثل أن يقول: لفلان على شئ، ويرجع في تفسيره إليه فمهما فسره به قبل إذا كان مما يتمول ويملكه المسلمون قليلا كان أو كثيرا.
ولا تصح الدعوى المبهمة لأنا إذا رددنا الدعوى المبهمة كان للمدعي ما يدعوه إلى تصحيحها وليس كذلك الإقرار لأنا إذا رددناه لا نأمن ألا يقر ثانيا، والمرجع في تفسير المبهم إلى المقر على ما قدمناه ويقبل تفسيره بأقل ما يتمول في العادة، فإن لم يقر جعلنا ناكلا ورددنا اليمين على المقر له فيحلف على ما يقول ويأخذه فإن لم يحلف فلا حق له، وإذا قال: له على مال عظيم أو جليل أو نفيس أو خطير، لم يقدر ذلك بشئ ويرجع في تفسيره إلى المقر ويقبل تفسيره بالقليل والكثير، لأنه لا دليل على مقدر معين والأصل براءة الذمة وما يقر به مقطوع عليه فوجب الرجوع إليه، ويحتمل أن يكون أراد عظيم عند الله تعالى من جهة المظلمة وأنه جليل نفيس عند الضرورة إليه وإن كان قليل المقدار، وإذا احتمل ذلك وجب أن يرجع إلى تفسيره لأن الأصل براءة الذمة ولا نعلق عليها شيئا محتملا. ويحتج على المخالف بما روي من قوله ع: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، لأنه يقتضي ألا يؤخذ منه أكثر مما أقر به.
وإذا قال: له على مال كثير، كان إقرارا بثمانين، لما رواه أصحابنا وأجمعوا عليه، وروي في تفسير قوله تعالى: لقد نصركم الله في مواطن كثيرة، أنها كانت ثمانين موطنا، والأولى عندي أنه يرجع في التفسير إليه لأن هذا قول مبهم محتمل ولا نعلق على الذمم شيئا بأمر محتمل، وإنما ورد في أخبار أصحابنا وأجمعوا عليه في النذر فحسب ولم يذهب أحد منهم إلى تعديته إلى الإقرار والوصية سوى شيخنا أبي جعفر رحمه الله في فروع المخالفين المبسوط ومسائل الخلاف، والقياس عندنا باطل فمن عداه غير النذر الذي ورد فيه يحتاج إلى دليل، ثم لا خلاف بين أصحابنا بل بين المسلمين أنه إذا باع دارا بمال