بعد الموت على الصحيح من المذهب، إلا على مذهب من قال من أصحابنا: إن العطية المنجزة تكون أيضا مثل المؤخرة تخرج من الثلث إذا كانت في مرضة الموت، والأول هو الأظهر بين الطائفة وعليه الفتوى وبه العمل لأن للإنسان التصرف في ماله ونفقته جميعه في مرضة موته بغير خلاف. وإن أراد رحمه الله " بعند موته " بعد موته وجعله تدبيرا فنعم ما قال وذهب.
وروي: أنه إذا أوصى بعتق نسمة مؤمنة ولم يوجد ذلك جاز أن يعتق من أمناء الناس ممن لا يعرف بنصب ولا عداوة، فإن وجدت مؤمنة لم يجز غيرها والأظهر أنه لا يجزئه غير المؤمنة على كل حال لقوله تعالى: فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه.
فإن اشترى نسمة على أنها مؤمنة وكان ظاهرها ذلك فأعتقت ثم ظهر بعد ذلك أنها لم تكن كذلك فقد مضى العتق وأجزأ عن الوصي لأنه المتعبد المكلف المخاطب بذلك وأجزأ، أيضا عن الموصي.
وروي: أنه إذا أوصى بأن يعتق عنه رقبة بثمن معلوم فلم يوجد بذلك القدر ووجد بأكثر منه لم يجب شراؤه وتركت الوصية إلى وقت ما يوجد بالثمن المذكور، فإن وجد بأقل من ذلك اشترى وأعطي الباقي ثم أعتق.
وروي: أنه إذا أوصى الانسان بعتق جميع مماليكه وله مماليك يخصونه ومماليك بينه وبين غيره أعتق من كان في ملكه وقوم من كان في الشركة وأعطي شريكه حقه إن كان ثلثه يحتمل ذلك وإن لم يحتمل أعتق منهم بقدر ما يحتمله، والذي يقوى عندي أنه لا يقوم من في الشركة بل يعتق منهم بقدر ما يملكه ولا يعطي شريكه ثمن حصته وإن كان ثلثه يحتمل ذلك لأنه بعد موته لا يملك الثلث إذا لم يوص به لأن الموت يزول به ملكه إلا ما استثنى من ثلثه وهذا ما استثنى شيئا.
إذا أوصى انسان فقال: حجوا عني بثلثي حجة، ومات فقد أوصى بأن يحج عنه بجميع ثلثه فينظر فيه، فإن كان ثلث ماله بقدر أجرة من يحج عنه فإن للوصي أن يستأجر من يحج عنه سواء كان وارثا أو أجنبيا بلا خلاف وإن كان ثلث ماله أكثر مما يحج به من أجرة المثل فكذلك عندنا وعند المخالف يستأجر من يحج عنه بجميع ثلثه إذا كان أجنبيا ولا يجوز أن يستأجروا وارثا لأن ما زاد على أجرة المثل وصية بالمحاباة وذلك لا يصح للوارث وعندنا أن ذلك يصح