فأما إذا شهد عليه الشهود بالإقرار فادعى أنه كان مكرها على ذلك لم يقبل منه لأن الأصل عدم الإكراه، فإن أقام البينة على أنه كان محبوسا أو مقيدا وادعى الإكراه قبل منه ذلك وكان القول قوله مع يمينه في ذلك لأن الظاهر من حال المحبوس والمقيد أنه مكره على تصرفه وإقراره.
إذا أقر الصبي على نفسه بالبلوغ نظر، فإن لم يبلغ بعد القدر الذي يجوز أن يبلغ فيه لم يقبل إقراره، وإن كان بلغ القدر الذي يبلغ فيه صح إقراره وحكم ببلوغه لأنه أقر بما يمكن صدقه فيه.
الإقرار بالنسب لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون المقر بالنسب مقرا على نفسه بنسب أو غيره، فإن كان على نفسه مثل أن يقر بأنه ابنه نظر فإن كان المقر به صغيرا اعتبر فيه ثلاثة شروط: أحدها أن يمكن أن يكون ولدا له وإن لم يمكن أن يكون ولدا له فلا يثبت مثل أن يقر به وللمقر ست عشرة سنة وللمقر به عشر سنين، والثاني أن يكون مجهول النسب لأنه إذا كان معروف النسب فلا يثبت، والثالث لا ينازعه فيه غيره لأنه إذا نازعه فيه غيره لم يثبت ما يقول إلا ببينة فإذا حصلت هذه الشروط الثلاثة ثبت النسب.
إذا أذن الرجل لعبده في النكاح فتزوج بامرأة بمهر وضمن السيد ذلك المهر ثم إنه باع العبد منها بقدر المهر الذي لزمه لم يصح البيع لأن إثباته يؤدى إلى إسقاطه، والمسألة مفروضة إذا اشترته زوجته قبل الدخول بها لأنا إذا صححنا ذلك البيع ملكت المرأة زوجها وإذا ملكته انفسخ النكاح وإذا انفسخ النكاح سقط المهر لأنه فسخ جاء من قبلها قبل الدخول، وكل فسخ جاء من قبل النساء قبل الدخول سقط جميع المهر فإذا سقط المهر عري البيع عن الثمن و البيع لا يصح إلا بالثمن فلما كان إثباته يؤدي إلى إسقاطه لم يثبت المقر له ما حصل الإقرار به واستحق ببعض وجوه الاستحقاقات نزع من يده وسلم إلى مستحقه ولا درك للمقر له على المقر لاختصاص فائدة الإقرار بإسقاط حق المقر فحسب فإن اقترن بإقراره ضمان الدرك فمنع مانع من التسليم واستحق بعده فعليه دركه من حيث كان ضمان المقر للدرك دلالة للحاكم على أن الإقرار حصل عن استحقاق يقتضي ضمان الدرك، وإن كان الإقرار بعد تقدم دعوى بقائم العين كالدار والفرس أو بمعين في الذمة كالدين