تركته وفاء لديون الباقين رد عليه متاعه بعينه بنمائه المتصل دون نمائه المنفصل، هذا إذا اختار ذلك وقضى دين الباقين من التركة فإن لم يخلف غير ذلك المتاع كان صاحبه وغيره من الديان فيه سواء يقتسمون بينهم على قدر أموالهم.
وإذا قتل انسان وعليه دين وجب على أوليائه أن يقضوا دينه من ديته إذا كان القتل يوجب المال وقد روي أنه سواء كان قد قتل خطأ أو عمدا، فإن كان قد قتل عمدا على هذه الرواية وأرادوا أولياؤه القود أو العفو لم يكن لهم ذلك إلا بعد أن يرضوا أصحاب الديون أولا ثم إن شاؤوا بعد ذلك قتلوا وإن شاؤوا عفوا عنه وإن شاؤوا قبلوا الدية، هذه الأحكام عند من عمل بهذه الرواية من أصحابنا، ومن لم يعمل بها قال: أنا أحملها على قتل الخطأ الذي يوجب المال دون القتل الذي يوجب القود لأنه على مذهبنا موجبه شئ واحد وهو القود دون المال ولأن الرواية إذا لم تخص بالقتل الذي يوجب المال ضادت القرآن وهو قوله تعالى: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل، فالعامل بها لم يجعل له سلطانا جملة وأيضا تقف الأحكام لأن للولي أن يقول: ما أوصي إليك يا صاحب الدين ما لك، ويقول له صاحب الدين: لا أمكنك من القود: وللقاتل إذا طولب بالدية ليقضي الدين عن الميت أن يمتنع من الأداء لأنه ما يجب عليه إلا القود عندنا دون المال بلا خلاف بيننا فتعطل حينئذ الأحكام وقد شرحنا ذلك فيما مضى في كتاب الديون وبسطناه وحررناه.
وإذا قال الموصي لوصيه: اقض عني ديني، وجب عليه أن يبدأ به قبل الميراث فإن تمكن من قضائه ولم يقضه وهلك المال كان ضامنا له، وليس على الورثة لصاحب الدين سبيل إن كان قد صار إليهم من التركة حقهم فإن كان قد عزله الوصي من أصل المال وقسم الباقي بينهم ولم يتمكن من إعطائه أصحاب الديون وهلك من غير تفريط من جهته كان لصاحب الدين مطالبة الورثة بالدين من الذي صار إليهم وأخذوه واقتسموه.
ومن أقر أن عليه زكاة سنين كثيرة وأمر بإخراجها عنه وجب أن يخرج من جميع المال لأنه بمنزلة الدين وما يبقى بعد ذلك يكون ميراثا، فإن كان عليه شئ من الزكاة وكان قد وجب عليه حجة الاسلام ففرط فيها وخلف دون ما يقضى به عنه الحجة والزكاة حج عنه من أقرب المواضع ويجعل ما يبقى في أرباب الزكاة.