له استرجاعه وإن مات المهدي كان لوارثه الخيار، وإذا وصلت الهدية إلى المهدي إليه لم يملكها بالوصول ولم تلزم ويكون ذلك إباحة من المهدي، فمن أراد الهدية ولزومها وانتقال الملك فيها إلى المهدي إليه الغائب فليوكل رسوله في عقد الهدية معه فإذا مضى وأوجب له وقبل المهدي إليه وأقبضه إياها لزمه العقد ويملك المهدي إليه الهدية.
ومن وكيد السنة وكريم الأخلاق الإهداء وقبول الهدية إذا دعا إلهيا داعي المودة الدنيوية والتكرم، فيحسن قبولها إذا عريت من وجوه القبح، ويقبح القبول مع ثبوته، ويخرج بالقبول والإقباض عن ملك المهدي وله الرجوع فيها ما لم يتصرف فيها من أهديت إليه أو يعوض عنها أو تهلك عينها، وإمضاؤها أفضل ولا يجب المكافاة عليها وفعلها أفضل.
وقد جاء في الترغيب لقبولها أخبار ورخص وجاء في كراهية قبولها وذمها أشياء فمن جملة ما في الترغيب فيها ما روي عنه ع أنه قال: تهادوا تحابوا، وروي أن أم حكيم بنت وداع الخزاعية قالت له: يا رسول الله أ تكره رد الهدية؟ فقال: ما أقبح رد الهدية ولو أهدى إلي ذراع لقبلته ولو دعيت إلى ذراع لأجبت، وروي أن بعض نسائه ع سألته فقالت: يا رسول الله أن لي جارتين فإلى أيتهما أهدي، فقال ص: إلى أقربهما منك بابا.
وروي أن سليمان بن داود ع أمر الريح فعدلت عن عش قنبرة فيه فراخ لها فجاءت القنبرة فرفرفت على رأسه ثم ألقت إليه جرادة فقيل لسليمان ع في ذلك فقال: كل يهدي على قدره. وروي عنه ع أنه قال: نعم الشئ الهدية بين يدي الحاجة.
فأما ما روي في ذمها وكراهيتها ما روي عن أمير المؤمنين ع أنه قال: هدايا العمال غلول. قال: ووصى بعض الولاة أحد كفاته فقال: إياك والهدية وليست بحرام عليك ولكني أخاف عليك القالة، وسأل رجل مسروقا حاجة فقضاها فأهدى له هدية فردها وحلف أن لا يقضى له حاجة قال: فقال القوم لمسروق: يا أبا عائشة ما كنا نرى أن بهذا بأسا فقال مسروق: هذا السحت وأهدى إلى عمر بن عبد العزيز تفاح فرده فقيل له: أن رسول الله ص كان يقبل الهدية، فقال: كانت هدية النبي صلى الله عليه وعلى آله هدية وهي اليوم لنا رشوة. وكان يقال: الهدية تعور عين الحكم وقيل: أهدى رجل إلى صديق