المعمر أيضا. فإن قال: هذه لك مدة عمري، فليس له أن يخرجه منها ما دام حيا فإذا مات كان للوارث اخراجه منها فإن مات المعمر دون من أعمره وخلف ورثة كان لهم سكناها إلى أن يموت من أعمر أباهم. فأما إن قال: هذه الدار عمري لك، ولم يقل: مدة عمري ولا مدة عمرك، فإن هذا مجهول لا يلزم به شئ بحال.
والرقبى أيضا جائزة عندنا وصورتها صورة العمرى إلا أن اللفظ يختلف وإن كان المعنى يتفق لأنه يقول في العمرى: أعمرتك هذه الدار مدة حياتي، أو: مدة حياتك، أو: مدة عمري، أو: مدة عمرك. والرقبى يحتاج أن يقول: أرقبتك هذه الدار مدة حياتك أو مدة حياتي، وفي أصحابنا من قال: الرقبى أن يقول: جعلت خدمة هذا العبد لك مدة حياتك أو مدة حياتي، وهي مأخوذ من رقبة العبد والأول مأخوذ من رقبة الملك، وهو الأظهر إلا أن الاشتقاق المحقق أنها مصدر من رقب كل واحد منهما موت صاحبه يرقبه رقبى، ويحتاج أيضا إلى الإيجاب والقبول والقبض من صحة لزومها وقد قلنا: إنه لا فرق بين العمرى والرقبى في الحكم والمعنى سواء علقه بموت المرقب أو المرقب، فإن علقه بموت المرقب فإن مات المرقب رجع إلى ورثته وإن مات المرقب أولا كان لورثته إلى أن يموت المرقب، فإن علقه بموت المرقب ومات المرقب لم يكن لورثته عليه سبيل حتى يموت فإذا مات رجع إليهم، وإن مات المرقب أولا لم يكن لورثته شئ ورجع إلى المرقب مثل ما ذكرناه في العمرى حرفا فحرفا.
فأما السكنى فلا بأس أن يجعل الانسان داره أو منزله أو ضيعته أو عقاره سكنى لإنسان حسبما أراد، فإن جعله له مدة من الزمان كان ذلك ماضيا ولم يجز له نقله عنه إلا بعد مضى تلك المدة وكذلك لا يجوز له بيعه إلا بعد انقضاء المدة أو يشترط على المشتري مقدار ذلك الزمان.
ومتى مات والحال ما وصفناه لم يكن لورثته نقل الساكن عنه إلا بعد أن تمضى المدة المذكورة، ومتى أسكنه إياه مدة عمره فهي العمرى وقد ذكرناها مستوفاة، ومتى أسكنه ولم يذكر مدة كان له اخراجه أي وقت شاء.
وإذا أسكن الانسان غيره لم يجز للساكن أن يسكن معه غيره إلا ولده وأهله يعني