حفص المتقدمة الواردة في ايداع اللص، فإنها ظاهرة في أن التصدق بالوديعة التي هي بمنزلة اللقطة يوجب الضمان مع مطالبة المالك، إلا أنها ضعيفة السند وواردة في قضية شخصية، فلا يمكن التعدي منها إلى غيرها كما عرفته سابقا.
والحاصل أن التصدق بمجهول المالك لا يوجب الضمان، على أن الاطلاقات الدالة على وجوب التصدق به بعد التعريف تقتضي عدم الضمان، ومع الشك في الاطلاق يرجع إلى البراءة.
وأما المقام الثاني، أعني ما إذا كانت يد الأمانة مسبوقة بالضمان، فقد يقال:
إن اليد الموضوعة ابتداء على مجهول المالك حيث كانت يد ضمان كما هو المفروض فتكون موجبة للضمان بقاء أيضا ما لم تؤد، لما ذكرناه سابقا من أن الشارع قد جعل ضمان اليد منوطا بالأداء، فما لم تتحقق الغاية لم يسقط الضمان، وعرفت أيضا أن نية الرد إلى المالك وإن كانت توجب صيرورة اليد يد أمانة إلا أن هذه اليد لا توجب ضمانا لا أنها لا تقتضي عدم الضمان، وواضح أن ما لا اقتضاء فيه لا يزاحم ما فيه الاقتضاء.
ولكن يرد عليه أولا: ما عرفته آنفا، من أن التصدق بمجهول المالك لو كان موجبا للضمان للزم منه التسلسل، فيكون ذلك تخصيصا عقليا لقاعدة ضمان اليد.
وثانيا: أن رواية ابن أبي حمزة المتقدمة (1) كالصريحة في عدم الضمان،