1 - إن المؤجر كما عرفت إنما يملك الأجرة بعقد الإجارة من غير أن يتوقف ذلك على ايجاد العمل المستأجر عليه في الخارج، وإنما اشتغلت ذمة الأجير بايجاد متعلق الإجارة، ولو كان الغرض في الاتيان بالعمل المستأجر عليه هو تملك الأجرة فقط لكان ايجاد العمل لأجل ذلك تحصيلا للحاصل، وعليه فالداعي إلى الاتيان بما اشتغلت به ذمة الأجير من العبادة ليس إلا أمر المولى والخوف الإلهي دون تملك الأجرة.
ولا يفرق في ذلك بين مراقبة المستأجر على الأجير للاتيان بالعمل وعدم مراقبته عليه، فإن شأن العبادات ليس شأن الأفعال الخارجية المحضة، كالخبازة والبناية والنجارة ونحوها لكي يكون حضور المستأجر دخيلا في تحقق العمل واتقانه، بل العبادات مشروطة بالنية وهي أمر قلبي لا يطلع عليها في أفق النفس إلا علام الغيوب، أو من ارتضاه لغيبه.
2 - إنه لا شبهة في صحة تعلق النذر أو العهد أو اليمين بالنوافل وصيرورتها لازمة بذلك، كما لا شبهة في صحة اشتراطها في العقود اللازمة وكونها واجبة بذلك، ولم يستشكل أحد في كون هذه الأوامر الطارئة عليها منافية للاخلاص المعتبر فيها، وواضح أنه لا فارق بين ذلك وبين ما نحن فيه.
3 - قد ورد في الأخبار المستفيضة بل المتواترة الترغيب إلى العبادات، بذكر فوائدها ومثوباتها، والترهيب عن تركها بذكر مستتبعاتها من الهلكة والعقوبة، ويتجلي لك من هذه الأخبار أنه لا بأس بامتثال العبادات لجلب المنافع المترتبة على فعلها ودفع المضرات المترتبة على تركها، ولا فرق في هذه الجهة بين المقام وبينها.