ويدل على ذلك من الرواية قوله (عليه السلام): فهنيئا لهم ما على أحدكم أن لو شاء لنال هذا كله، قال: قلت: بماذا جعلني الله فداك، قال: تكون معهم فتسرنا بادخال السرور على المؤمنين من شيعتنا، فكن معهم يا محمد.
وعليه فتقيد هذه الرواية رواية أبي نصر، وحينئذ فتختص الكراهة بما إذا قصد بالولاية عن الجائر حفظ معاشه وكان قصد الاحسان إلى الشيعة ضمنا في خلال ذلك، وإذا فتنقلب النسبة وتصبح رواية أبي نصر مقيدة لما هو ظاهر في رجحان الولاية الجائزة، سواء كانت لحفظ المعاش أم لدفع الضرر عن المؤمنين من الشيعة، كروايتي المفضل (1) وهشام بن سالم (2).
وتكون النتيجة أن الولاية من قبل الجائر إن كانت لحفظ المعاش مع قصد الاحسان إلى المؤمنين فهي مكروهة، وإن كانت للاحسان إليهم فقط فهي مستحبة هذا.
ولكن رواية أبي نصر لضعف سندها قاصرة عن اثبات الكراهة إلا على القول بشمول قاعدة التسامح لأدلة الكراهة، وأما روايتا المفضل وهشام فإنهما وإن كانتا ضعيفتي السند إلا أنهما لا تقصران عن اثبات الاستحباب على وجه الاطلاق، بناء على قاعدة التسامح في أدلة السنن المعروفة.