يراها العامة أحداثا ناقضة للوضوء (1)، فإنه يدور الأمر حينئذ بين حمله على الوجوب بداعي التقية، وبين حمله على الاستحباب بداعي بيان الواقع، ومن المعلوم أن الحمل على الثاني أولى، إذ لم يثبت من مذهب الشيعة عدم استحباب الوضوء عقيب الأمور المذكورة، ولكن ثبت عندهم أنها لا تنقض الوضوء جزما، وعليه فتتأدى التقية بإرادة المجاز واخفاء القرينة.
أقول: لله در المصنف حيث أشار بكلامه هذا إلى قاعدة كلية وضابطة شريفة تتفرع عنها فروع كثيرة، ومن شأنها أن يبحث عنها في علم الأصول في فصل من فصول أبحاث الأوامر.
وتحقيق الكلام فيها: أن ما يدور أمره بين الحمل على التقية وبين الحمل على الاستحباب على ثلاثة أقسام:
1 - أن يكون ظهوره في بيان الحكم الوضعي المحض، كما إذا ورد عنهم (عليهم السلام): أن الرعاف أو الحجامة مثلا من النواقض للوضوء (2)، فإنه لا ريب في حمل هذا القسم على التقية، بأن يكون المراد أنها ناقضة حقيقة للوضوء، ولكن صدور هذا الحكم بداعي التقية لا بداعي الإرادة الجدية.
2 - أن يدل بظهوره على الحكم التكليفي المولوي المحض، كما إذا