المكلفين و وصولها إلى مرتبة الفعلية لتبعثهم على الإطاعة والامتثال مشروطة بالقدرة العقلية والشرعية، واختلاف الدواعي في ترك الواجبات وارتكاب المحرمات لا يؤثر في تبديلها أو في رفعها بوجه، ومثال ذلك أن شرب الخمر مع التمكن من تركه حرام، وإن كان شربه بداعي رفع العطش أو غيره من الدواعي عدا الاسكار.
كما أن المناط في رفع الأحكام التكليفية هو عدم القدرة على الامتثال ولو بالتورية ونحوها، مثلا إذا أكره الجائر أحدا على شرب الخمر ولم يتمكن المجبور من تركه بالتورية أو بطريق آخر، فإن الحرمة ترتفع بحديث الرفع ونحوه، وأما إذا تمكن من موافقة التكليف بالتورية أو بجهة أخرى فلا موجب لسقوط الحرمة.
نعم ظاهر جملة من الروايات الماضية وجملة أخرى من الروايات الآتية هو جواز الكذب والحلف الكاذب في موارد خاصة على وجه الاطلاق حتى مع التمكن من التورية، وعليه فيمتاز حكم الكذب بذلك عن بقية الأحكام التكليفية.
ومن هنا ظهر ضعف قول المصنف: إن الضرر المسوغ للكذب هو المسوغ لسائر المحرمات.
وأما الأحكام الوضعية في المعاملات كصحة العقود والايقاعات أو فسادهما، فهي تدور من حيث الوجود والعدم مدار أمرين:
1 - كون المتعاملين قادرين على المعاملة بالقدرة التي هي من الشرائط العامة المعتبرة في جميع الأحكام.
2 - صدور انشاء المعاملة عن الرضي وطيب النفس، لآية التجارة عن تراض والروايات الدالة على حرمة التصرف في مال غيره إلا بطيب النفس والرضى.
فإذا انتفى أحد الأمرين فسدت المعاملة ولم تترتب عليها الآثار،