وأما الجهة الثانية: فالنبوي وإن اشتهرت روايته في السنة أصحابنا في كتبهم قديما وحديثا، متضمنة لكلمة: أكل تارة وبدونها أخرى، إلا أن كلهم مشتركون في نقله مرسلا، والعذر فيه أنهم أخذوه من كتب العامة لعدم وجوده في أصولهم، وحيث أثبتنا في الجهة الأولى أن الصحيح عندهم هو ما اشتمل على كلمة: أكل، كان اللازم علينا ملاحظة ما ثبت عندهم.
وإذن فلم يبق لنا وثوق بكون النبوي المشهور رواية فكيف بانجبار ضعفه بعمل المشهور.
وأما المقام الثاني، فبعد ما عرفت أن الثابت عند العامة والخاصة اشتمال الرواية على كلمة: أكل، كان عمومه متروكا عند الفريقين، فإن كثيرا من الأمور يحرم أكله ولا يحرم بيعه.
ومن هنا قال في جوهر النقي حاشية البيهقي في ذيل الحديث المشتمل على كلمة أكل: قلت: عموم هذا الحديث متروك اتفاقا بجواز بيع الآدمي والحمار والسنور ونحوها.
تبيين:
لو فرضنا ثبوت النبوي على النحو المعروف لم يجز العمل به أيضا للارسال وعدم انجباره بالشهرة وغيرها، وذلك لأن تحريم الشئ الذي يستلزم تحريم ثمنه، أما أن يراد به تحريم جميع منافع ذلك الشئ، وأما تحريم منافعه الظاهرة، وأما تحريم منافعه النادرة ولو من بعض الجهات.
فعلي الاحتمالين الأولين فالمعنى وإن كان وجيها وموافقا لمذهب الشيعة، لقولهم بأن ما يحرم جميع منافعه أو منافعه الظاهرة يحرم بيعه، إلا أن اثبات اعتمادهم في فتياهم بذلك على النبوي مشكل.