بالنظام أيضا، ومقتضى الجمع بين الأمرين أن يلتزم بوجوبها مع الأجرة، وعلى ذلك فتكون مثالا لما نحن فيه.
ولكن يرد عليه: أولا: أن هذا ليس إلا التزاما بوجوبها لأجل حفظ النظام، وعليه فلا يكون التكسب بعنوانه واجبا.
وثانيا: أن الواجب من الصناعات إنما هو الطبيعة المطلقة العارية عن لحاظ المجانية وغيرها، وما يخل بالنظام إنما هو ايجاب العمل مجانا لا ما هو الجامع بينه وبين غيره، ولا ملازمة بين عدم وجوب الصناعات مجانا وبين وجوب الجامع غير المقيد بحصة خاصة من الطبيعة، ومن هنا نقول يجب الاقدام عليها عينا أو كفاية من حيث هي صناعة يختل بتركها النظام، سواء كانت عليها أجرة أم لا.
والتحقيق: أن التقسيم إن كان باعتبار نفس التكسب فلا محيص عن تثليث الأقسام كما تقدم، وإن كان بلحاظ فعل المكلف والعناوين الثانوية الطارئة عليه فلا مانع من التخميس.
ولا يخفى عليك أنه إذا كان التقسيم بحسب فعل المكلف لا يختص المثال بالصناعات بل يصح التمثيل بما وجب بالنذر أو اليمين أو العهد وبالكسب لقضاء الدين أو الانفاق على العيال ونحو ذلك.
لا يقال: إذا ملك الكافر عبدا مسلما وجب بيعه عليه، ويكون بيعه هذا من قبيل الاكتساب بالواجب.
فإنه يقال: الواجب هنا في الحقيقة هو إزالة ملكية الكافر للمسلم، وبيع العبد المسلم إنما وجب لذلك، ويدلنا على ذلك أنه لو زال ملكه بغير البيع كالعتق والهبة أو بالقهر كموت الكافر لا يجب البيع.