أقول: الظاهر من العرف واللغة (1) اعتبار الإهانة والتعبير في مفهوم السب وكونه تنقيصا وازراءا على المسبوب وأنه متحد مع الشتم، وعلى هذا فيدخل فيه كلما يوجب إهانة المسبوب وهتكه، كالقذف و التوصيف بالوضيع واللا شئ، والحمار والكلب والخنزير، والكافر والمرتد، والأبرص والأجذم والأعور، وغير ذلك من الألفاظ الموجبة للنقص والإهانة، وعليه فلا يتحقق مفهومه إلا بقصد الهتك، وأما مواجهة المسبوب فلا تعتبر فيه.
قوله: فالنسبة بينه وبين الغيبة عموم من وجه.
أقول: ذكر المصنف في البحث عن مستثنيات الغيبة ما هذا نص عبارته: نعم لو تأذى من ذمه بذلك دون ظهوره لم يقدح في الجواز، ولذا جاز سبه بما لا يكون كذبا، وهذا هو الفارق بين السب والغيبة، حيث إن مناط الأول المذمة والتنقيص فيجوز، ومناط الثاني إظهار عيوبه فلا يجوز إلا بمقدار الرخصة.
والتحقيق أن النسبة بينهما هي العموم من وجه، فإنه قد يتحقق السب ولا يتصف بعنوان الغيبة، كأن يخاطب المسبوب بصفة مشهورة مع قصد الإهانة والاذلال، فإن ذلك ليس إظهارا لما ستره الله.
وقد تتحقق الغيبة حيث لا يتحقق السب، كأن يتكلم بكلام يظهر به ما ستره الله من غير قصد للتنقيص والإهانة.