ولكن الظاهر أنه لا وجه لجعله من المستثنيات باستقلاله، فإنه إن كان المراد به المبدع في الأحكام الشرعية فهو متجاهر بالفسق، وإن كان المراد به المبدع في العقائد والأصول الدينية فهو كافر بالله العظيم، فيكون خارجا عن المقام موضوعا لعدم كونه متصفا بالايمان.
قوله: ويمكن أن يستثنى من ذلك ما إذا لم تأثر المسبوب عرفا.
أقول: مقتضى الاطلاقات المتقدمة أن سب المؤمن حرام مطلقا، سواء تأثر أم لم يتأثر، نعم إذا لم يوجب إهانة المسبوب في نظر العرف كان خارجا عن عنوان السب موضوعا، لما عرفت من اعتبار الإهانة والاستنقاص في مفهوم السب.
وعليه فلا وجه لاستثناء بعض الأمثلة عن مورد البحث، كسب الوالد ولده، وسب المعلم متعلمه، وسب المولى عبده، لأنه إن كان موجبا لإهانتهم فلا مجوز للاستثناء، وإن لم يكن موجبا لذلك فهو خارج عن السب موضوعا.
وقد ظهر أيضا فساد ما يقال من أن السب في الأمثلة المذكورة فخر للمسبوب وتأديب له فلا يحرم.
ووجه الفساد أن مفهوم السب ينافي مفهوم الفخر والتأديب فلا يجتمعان في مورد واحد.
وأضعف من جميع ذلك دعوى السيرة على الجواز في الموارد المزبورة، فإنا لو سلمنا تحقق السيرة من المتدينين فإنما هي في غير موارد الهتك والظلم، فلا تكون إلا على جواز التأديب دون السب.
قوله: وأما الوالد، فيمكن استفادة الجواز في حقه مما ورد من مثل قولهم (عليهم السلام):
أنت وما لك لأبيك.
أقول: قد وردت هذه الجملة المباركة في الروايات المتظافرة