أقول: قد عرفت أن السحر هو صرف الشئ عن وجهه على سبيل الخديعة والتمويه من دون أن يكون له واقعية، فاستحداث الأمور الخارقة للعادة ليس من السحر، ولو تمكن أحد من احداث الأمور الغريبة بواسطة القوة النفسانية الحاصلة بالرياضة أو بصرف المقدمات، فلا يقال له أنه ساحر، بل لا دليل على حرمته، فإن هذا شعار أهل الكرامة.
نعم لا شبهة في كفر الفرق المذكورة، كما اعترف به المجلسي (رحمه الله) حتى الفرقة الثالثة القائلة بتفويض أمر العالم إلى الكواكب، فإن قولهم هذا مخالف لضرورة الدين، فإن الله هو الذي يحيي ويميت، ويهب لمن يشاء ذكورا ويهب لمن يشاء إناثا، ويصور في الأرحام كيف يشاء.
2 - سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية، فقد ثبت بالوجوه العديدة امكان تسلط النفوس على جوارح الغير وأعضائه، فتسخره للقيام بحرمات وتأدية أعمال على غير إرادة منه ومن دون وساطة شئ آخر، وهذه النفوس قد تكون لرياضتها قوية صافية عن الكدورات البدنية، فتستغني في تأثيرها عن الاستعانة بأدوات من خارجها وتصدر عنها الأمور الغريبة الخارقة للعادة، وقد تكون ضعيفة وممزوجة بأوساخ المواد فتحتاج في اتمام تأثيرها إلى الاستعانة بأدوات سحرية أخرى - انتهى حاصل كلامه في النوع الثاني.
أقول: لا شبهة أن بعض النفوس لصفائها بالرياضات تؤثر في الأمور التكوينية وتصرفها عن وجهها صرفا حقيقيا، كايقاف الماشي عن المشي، والمياه الجارية عن الجريان، بل قيل إن هذا المعنى مكنون في الأسد بحسب الغريزة والطبيعة.
فإنه إذا نظر إلى حيوان أوقفه عن المشي والحركة، إلا أنه لا دليل على حرمته بعنوان الأولي ما لم يترتب عليه شئ من العناوين المحرمة، بل