اجتمعت شرائط النهي عن المنكر، وأما أن تكون غير فعلية على تقدير وجود المانع، كسكوت الملتفت إلى الحرام عن منع الجاهل الذي يريد أن يرتكبه، فإن الجاهل ما لم يلتفت إلى الحرام لا يكون ارتكابه محرما ليجتمع سكوت الملتفت عن المنع مع الحرمة الفعلية، كما فيما نحن فيه، وهذا الأخير إن كان من الأمور المهمة في نظر الشارع حرم السكوت ووجب رفع الحرام وإلا ففيه اشكال.
أقول: هذا التقسيم الذي أفاده المصنف (رحمه الله) لا يرجع إلى محصل، مضافا إلى جريه في اطلاق العلة والمعلول على غير ما هو المصطلح فيهما.
والمناسب في المقام تقسيم القاء الغير في الحرام الواقعي على نحو يمكن تطبيقه على القواعد واستفادة حكمه من الروايات، فنقول:
إن الكلام قد يقع في بيان الأحكام الواقعية، وقد يقع في إضافة فعل أحد الشخصين إلى الشخص الآخر من حيث العلية أو السببية أو الداعوية.
أما الأول، فقد يكون الكلام في الأحكام الكلية الإلهية، وقد يكون في الأحكام الجزئية المترتبة على الموضوعات الشخصية.
أما الأحكام الكلية الإلهية فلا ريب في وجوب اعلام الجاهل بها لوجوب تبليغ الأحكام الشرعية على الناس جيلا بعد جيل إلى يوم القيامة، وقد دلت عليه آية النفر (1) والروايات الواردة في بذل العلم وتعليمه وتعلمه (2).