الذي هو أمر وجودي لا محض اللاحكمية، فلأن الاطلاق إنما هو عبارة عن إرسال المولى، وإرخاء عنان العباد فيما تساوى وجود الشئ وعدمه في عالم اللب والإرادة. وهذا المعنى من الاطلاق يساوق الترخيص والحل والإباحة.
فدعوى أن الترخيص والإباحة والحلية لا يساوق الاطلاق وعدم التقييد.
ممنوعة جدا، بل الاطلاق كالترخيص أيضا أمر وجودي وأحدهما مساوق للآخر.
وهذا لا ينافي ما قلناه في باب المطلق والمقيد من أن التقابل بين الاطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة لا تقابل التضاد، فإن ما قلناه في ذلك الباب إنما هو الاطلاق والتقييد الموصوفان بهما الألفاظ بحسب وضع الألفاظ، لا الاطلاق والتقييد النفس الأمري وفي عالم اللب والإرادة، فإنه لا إشكال في أن الاطلاق النفس الأمري كالتقييد أمر وجودي.
فظهر فساد ما ربما يتوهم من أن الشك في المقام باعتبار منشأ انتزاع المانعية إنما هو إلى تقييد المطلوب بعدم الوقوع في المشكوك أو إطلاقه، فيكون أحد طرفي الشك أمرا وجوديا والآخر عدميا، وفي مثل هذا الشك لا يندرج في موضوع أصالة الحل، لأن موضوع أصالة الحل إنما هو فيما إذا كان طرفا الشك أمرا وجوديا من الحرمة والحلية الذي كلاهما أمران وجوديان.
وجه الفساد هو أن الاطلاق أيضا أمر وجودي مساوق فيما نحن فيه للترخيص والحلية.
ثم لو سلمنا أن الاطلاق أمر عدمي فنقول: إنه لا يعتبر في موضوع أصالة [الحل] أن يكون طرفا الشك أمرين وجوديين، فإن في رواية معدة: كل شئ حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه (1) لم يؤخذ الشك في الحلية والحرمة موضوعا،