ثم لا يخفى عليك أنه لا يعتبر في جريان هذا الأصل من أن تكون الحرمة المحتملة الذي يراد نفيها بهذا الأصل على تقدير ثبوتها الواقعي عارضة للشئ من جميع الجهات، بأن يكون الشئ، حراما بقول مطلق لا منفعة محللة له أصلا، بل يكفي في جريان هذا الأصل كون الشئ محتمل الحرمة من جهة خاصة، وإن كان له منفعة محللة قطعية من جهة أخرى. نعم يعتبر في الجهة المحتملة تحريمها أن تكون من الجهات المقصودة من الشئ مما يعد عند العرف منفعة له، فالجهة النادرة التي لا يعتني بها العقلاء خارجة عن مجاري هذا الأصل، كما لو فرض أن جميع منافع الشئ المقصودة منه محللة قطعا، وكان هناك جهة نادرة غير مقصودة يحتمل حرمتها، فإن في مثل هذا لا يصح أن يقال: إن هذا الشئ محتمل الحل والحرمة بحيث يوصف الشئ بهما حتى يدخل في مجاري هذا الأصل.
وبالجملة: لو كان للشئ جهة مقصودة عند العرف، ومنفعة معتنى بها عند العقلاء واحتمل حرمتها، صح أن يقال: إن هذا الشئ محتمل الحل والحرمة، ولا يحتاج في جريان هذا الأصل تردد الشئ بينهما من جميع الجهات، ولا إشكال أن الصلاة في الشئ من الجهات المعتنى بها عند العرف والمنافع المقصودة عند العقلاء، فلو تردد الشئ بين حلية الصلاة فيه وحرمتها يدخل في مجاري هذا الأصل، وإن لم تكن الجهات الأخر من مجاريه، كما إذا كانت مقطوعة الحلية أو الحرمة.
وكذلك لا مجال لتوهم اختصاص هذا الأصل بما إذا كان المنع والحرمة المحتملة في موضوع أصالة الحل حكما نفسيا وخطابا مستقلا ناشئا عن المبغوضية الذاتية، حتى يختص موضوع أصالة الحل بالتكاليف الاستقلالية والشبهات النفسية التحريمية، بل يعم ما إذا كان المنع والحرمة من جهة القيدية والمنع عن وقوع الصلاة فيه، فإن الملاك في اتصاف الشئ بالحرمة الشرعية هو تعلق