وبالجملة: فليس التمسك بهذا الأصل مبنيا على شئ من هذه الوجوه، وإنما بناء الاستدلال على إجزائه في نفس الشك في المانعية، من حيث رجوع الشك في ذلك إلى الشك في حلية الصلاة فيه وحرمته حقيقة، باعتبار منشأ انتزاع المانعية الذي هو عبارة عن تقيد المطلوب بعدم وقوع الصلاة فيه، على ما أسلفنا الكلام فيه، فكما أن القيدية تساوق الحرمة فكذلك عدم القيدية يساوق الحلية. فإن كانت الحلية والحرمة حلية وحرمة واقعية كان معناهما ثبوت التقيد وعدمه واقعا، وإن [كانت] الحلية والحرمة حلية وحرمة ظاهرية كان معناهما ثبوت التقيد وعدمه ظاهرا، ويترتب على الحلية الظاهرية في المقام الصحة والاجزاء، كما يترتب عليها في التكاليف الاستقلالية النفسية جواز الفعل وإباحة المنافع المقصود فيها يحكم عليه بالحلية.
وحاصل الاستدلال: هو أن المراد من " الشئ " في قوله عليه السلام " كل شئ فيه حلال وحرام " والموصول في قوله " كل ما كان فيه حلال وحرام " إما أن يكن نفس الموضوعات الخارجية المرددة بين الحلال والحرام، كما هو الظاهر من لفظة الشئ، والتمثيل بالثوب في رواية مسعدة (1)، وورود الموصول بعد السؤال عن الجبن في رواية عبد الله بن سليمان (2) وإما أن يراد من الشئ أو الموصول نفس الأفعال المشتبهة من حيث أنفسها، أو باعتبار تعلق الأفعال بموضوعاتها المشتبهة.
فإن كان المراد من الشئ والموصول هو نفس الموضوعات الخارجية فيكون [المراد] من الحل والحرمة المعنى الوضعي، الثابت لنفس الموضوعات الخارجية باعتبار تعلق أفعال المكلفين بها، إذا لا معنى لحلية الموضوع أو حرمته في نفسه وحد