موضوعان لعدم جواز الصلاة وجوازها، كان اللازم هو الحكم بجواز الصلاة في أجزاء ما اضطر إلى أكله للمخمصة من الأرانب والثعالب، وعدم جواز الصلاة في الغنم المغصوب أو المحلوف ترك أكله. وهذا كما ترى باطل بالضرورة فلما كان هذا التالي الباطل لا بد من حمل الحلية والحرمة على الحلية والحرمة العارضين لذوات الأشياء، وعليه كان جريان أصالة الحل في الحيوان مما لا يثمر في رفع الشك المسببي من جواز الصلاة في أجزائه، لما عرفت من أن الحلية الثابتة بأصالة الحل إنما هي الحلية الفعلية والرخصة في أكل اللحم، وجواز الصلاة وعدم جوازها لم يترتب على هذه الحلية، بل على الحلية الذاتية العارضة لذوات الأنواع.
فظهر مما ذكرناه أنه لا يترتب على جريان أصالة الحل في الحيوان جواز الصلاة في أجزائه، وأن حديث السببية والمسببية مما لا مساس لها في المقام، إما لعدم السببية والمسببية، كما إذا كانت حلية الأكل وجواز الصلاة كلاهما معروضين لذات الحيوان في عرض واحد، وإما لعدم الجدوى في السببية والمسببية بناء على ترتب جواز الصلاة على الحلية الواقعية.
ومما ذكرنا ظهر أيضا أنه لو قلنا بأصالة الحرمة عند الشك في حلية الحيوان وحرمته، إما لكون الأصل في اللحوم الحرمة كما حكي (1) عن المحقق والشهيد الثانيين بناء على أن حصر المحللات في الطيبات في قوله تعالى: وأحل لكم الطيبات (2)، يوجب انقلاب الأصل في المطعومات، وأن الأصل فيها الحرمة كما هو الشأن في كل حكم علق على أمر وجودي، حيث يلزم إحرازه في ترتب ذلك الحكم على ما هو المعروف بينهم، وإما لكون الأصل في كل شبهة تحريمية هو الحرمة كما ذهب إليه الأخباريون فليس مفاد أصالة الحرمة حينئذ إلا عكس