ولا يقاس المقام بما تقدم في الميتة، فإن في باب الميتة حيث إن ما دل على المنع عنها إنما كان غالبا جوابا عما فرضه السائل من الجلود والفراء وغيره، ولم يعهد أخذ مثل ذلك مما لا نفس له، فكان المنع عنها منصرفا إلى ذلك، لأن نجاسة الميتة هي التي كانت مرتكزة في الأذهان، وذلك هو الذي أوجب السؤال عن المشكوك أخذه من الميتة، فالمنع عن الميتة مقصور بالميتة النجسة وهي التي تكون لها نفس سائلة.
وهذا بخلاف المقام فإن قوله عليه السلام في صحيح ابن بكير " إن الصلاة في وبر كل شئ حرام أكله (1).. إلخ " عام يشمل كل حيوان محرم الأكل وإن لم يكن له نفس سائلة، وكذلك قوله صلى الله عليه وآله لعلي في وصيته " لا تصل في جلد ما لا يشرب لبه ولا يؤكل لحمه " (2) يعم كل حيوان.
ودعوى انصراف ذلك إلى خصوص ما كان له نفس سائلة مما لا شاهد عليها، خصوصا في قوله " كل شئ حرام أكله " كما في الصحيحة، فإن لفظة " كل " موضوعة للعموم فيعم جميع أصناف الحيوانات.
فإن قلت: نعم وإن كان لفظة " كل " عام للجميع إلا أن قوله عليه السلام في ذيل الصحيحة " ذكاه الذابح أو لم يذكه " يوجب تخصيص ذلك العموم بما إذا كان تذكيته بالذبح، وذلك مقصور بما إذا كان للحيوان نفس سائلة، بداهة أن تذكية ما لا نفس له ليس بالذبح.
قلت: ذلك لا يصلح للتخصيص، فإن المقسم في قوله عليه السلام " ذكاه الذابح أو لم يذكه " هو الحيوان القابل للتذكية بالذبح وعدمه، فما لا نفس له