" في " في غير الروث واللبن على معناها الأولي من الظرفية الحقيقية، والتجوز في خصوص اللبن والروث بعد ما ذكر الجميع في الرواية على مساق واحد، كما لا يمكن المساعدة على ما أفاده بعض الأعلام من جعل كلمة " في " بمعنى " مع " لأنه خروج عما تقتضيه كلمة " في " بلا موجب.
فالأولى إبقاء كلمة " في " على معناها من الظرفية، ولكن ذكر الروث واللبن في الرواية يكون قرينة على أن المراد من الظرفية ليس هو معناها الأولي الظاهر من كلمة " في " من ثبوت الشئ في المكان أو الزمان، بل المراد منها معنى أوسع من ذلك بحيث يشمل مثل اللبن والروث الواقع على بدن المصلي أو لباسه ويصدق أنه صلى فيهما ولو بنحو من التوسعة في الظرفية.
وهذا المعنى من التوسعة موجود في الشعر الملقاة على لباس المصلي بل على بدنه، بل وكذا المحمول إذا كان مع المصلي بلا واسطة وعاء كما إذا كان في جيب المصلي، وأما لو كان في وعاء كما إذا فرض جعل بعض أجزاء ما لا يؤكل لحمه في قارورة أو وعاء آخر وكانت القارورة مع المصلي فصدق الظرفية على مثل هذا المحمول مشكل.
وحاصل الكلام: أن أدلة الباب وإن اشتملت على كلمة " في " الظاهرة في الظرفية إلا أنه لا محيص عن القول بالتوسعة في الظرفية على نحو يعم الشعر الملقاة على اللباس والبدن والمحمول بلا واسطة، فإن في الجميع يصح إطلاق (الصلاة فيه) بنحو من التسامح والتوسعة، والشاهد على ذلك إطلاق الظرفية في مثل الروث واللبن الذي لا يكون ذلك إلا بعد التوسعة في معنى الظرفية.
نعم في المحمول مع الواسطة جميع مراتب الظرفية مفقود، وإنما الظرفية تكون في الوعاء المشتمل على المحمول، فيقال: صلى في قارورة فيها عظم ما لا يؤكل مثلا، ولا يقال: صلى في عظم ما لا يؤكل، وهذا بخلاف ما إذا كان العظم مع