الفعل، ولا يكفي الرجحان حال النذر كما لا تكفي القدرة على المتعلق حال التكليف بل يعتبر القدرة حال العمل، فكما أن كل تكليف مشروط ببقاء القدرة إلى زمان صدور الفعل فكذلك الرجحان في متعلق النذر لا بد وأن يكون باقيا حال العمل، وإن كان بينهما فرق من حيث إن اعتبار القدرة عقلي واعتبار الرجحان شرعي، لكن الغرض مجرد التنظير.
والحاصل: أن الرجحان حال النذر لا أثر له في بقائه، بل لو فرض أنه كان حال النذر مرجوحا ولكن حال العمل كان راجحا لكان نذره صحيحا بلا إشكال، ففي المثال المتقدم لا محيص عن القول بانحلال نذره بمجرد طروء الاستطاعة، ويجب عليه الحج لصيرورة زيارة الحسين عليه السلام حينئذ مرجوحة، ولا يمكن العكس بأن يقال: الحج يصير مرجوحا بعد تعلق النذر بالزيارة، فتصير الزيارة واجبة لسبق سببه ويرتفع حينئذ موضوع الاستطاعة، وذلك لأن الكلام بعد في انعقاد النذر بالنسبة إلى الزيارة التي حصلت الاستطاعة قبل مجئ زمانها، ومجرد سبق النذر لا يكفي في ذلك بعدما كان بقاؤه مشروطا ببقاء الرجحان، فالرجحان حال النذر مما لا أثر له.
بل يمكن أن يقال: إن الرجحان حال النذر كلمة لا معنى لها، ولا يعقل في مثل المثال أن يقال بالرجحان حال النذر، فإنه لا إشكال في أن زيارة عرفة إنما تكون راجحة عند مجئ وقتها، ولا يعقل أن يقال: إن زيارة عرفة راجحة قل مجئ وقتها الذي هو وقت النذر، فزيادة عرفة كصلاة الظهر، فكما لا يمكن أن يقال: إن صلاة الظهر قبل الزوال راجحة فكذلك لا معنى للقول برجحان زيارة عرفة حين النذر الذي يكون قبل مجئ وقتها، بناء على ما هو الحق من عدم معقولية الواجب المعلق والشرط المتأخر، فلو نذر أحد قبل أشهر الحرم زيارة الحسين عليه السلام في يوم عرفة، فانعقاد هذا النذر يكون موقوفا ثبوتا بثبوت