يقال: إن ما هو المحرم التطوع في وقت الفريضة بوصف التطوع، وليست ذات صلاة جعفر مثلا محرمة، بل المحرم إنما هو التطوع بصلاة جعفر وفعلها بداعي الاستحباب والتنفل، وصلاة جعفر بهذا الوصف لم يتعلق النذر بها، بل لا يمكن أن يتعلق بها مقيدة بهذا الوصف، لأنه يعتبر في متعلق النذر القدرة عليه، وصلاة جعفر بوصف كونها مستحبة غير مقدورة بعد تعلق النذر بها لصيرورتها واجبة، فلو فرض أن أحدا نذر فعل صلاة جعفر بوصف كونها مستحبة، كان نذره باطلا ولا ينعقد أصلا، فالنذر دائما يكون متعلقا بذات العمل، وذات صلاة جعفر مع قطع النظر عن استحبابها لم تكن محرمة في وقت الفريضة، بل المحرم إنما هو التطوع بها، فإذا لم تكن ذات العمل منهيا عنه فلا مانع من تعلق النذر به، ويصير بذلك واجبا ويخرج موضوعا عن كونه تطوعا في وقت الفريضة، بل يكون فريضة في وقت فريضة.
فإن قلت: هب أن ذات العمل لم يكن منهيا عنه، إلا أن مجرد ذلك لا يكفي في صحة النذر، لما تقدم من اعتبار الرجحان في متعلقه، ولا يكفي مجرد عدم المرجوحية، وذات العمل في وقت الفريضة حيث لم يتعلق به أمر استحبابي ولا وجوبي لا يمكن الحكم برجحانه، فإن ذلك يكون رجما بالغيب.
والحاصل: أن رجحان الشئ لا بد وأن يستكشف من تعلق الأمر، إذ لا طريق لنا إلى معرفته سوى ذلك، وصلاة جعفر في وقت الفريصة بعد ما لم يتعلق بها أمر استحبابي ولا وجوبي حسب الفرض فمن أين يحكم برجحانها حتى يصح نذرها، فتكون واجبة وتخرج موضوعا عن كونها تطوعا في وقت الفريضة، فلا محيص إما عن القول ببطلان النذر وإما عن القول بالاكتفاء بالرجحان الآتي من قبل النذر، وقد تقدم عدم معقولية الثاني، فلا بد من الأول وهو بطلان النذر.
قلت: يكفي في إثبات الرجحانية نفس العمومات الدالة على مشروعية صلاة