نذره مطلقا، أو بطلانه من أصله لو قيده بذلك الوقت؟
الأقوى هو الأول، وبيان وجهه يستدعي بسطا من الكلام، فنقول: إنه لا إشكال في أنه يتعبر في متعلق النذر من الرجحان، كما أنه يعتبر في متعلق العهد واليمين عدم المرجوحية، فيكون الرجحان من قبيل القيود المعتبرة في المتعلق، ولا إشكال أيضا في اعتبار تقدم المتعلق بجميع ماله من القيود على الحكم، بحيث يؤخذ المتعلق بماله من الشرائط مفروض التحقق حتى يرد الحكم عليه، فكل قيد لا يتأتى إلا من قبل الحكم لا يعقل أخذه في متعلقه، كمسألة القربة والعلم والجهل وأمثال ذلك مما هو مسطور في الأصول، وحيث كان الرجحان مأخوذا في متعلق النذر فلا بد وأن يكون سابقا على النذر، حتى يرد النذر على المتعلق الراجح، ولا يكفي الرجحان الجائي من قبل النذر كما يوهمه بعض العبائر، لتوقف صحة النذر على كونه راجحا، فلو توقف الرجحان على النذر يلزم الدور.
وما ورد (1) من صحة نذر بعض المحرمات، كالاحرام قبل الميقات، وكالصوم في السفر، فليس ذلك من باب الاكتفاء بالرجحان الجائي من قبل النذر، ولا من باب تخصيص ما دل على اعتبار الرجحان في متعلق النذر بغير هذا المورد، بل ورود الدليل بصحة مثل هذا النذر يكشف عن تقييد الحرام الواقعي من الصوم في السفر والاحرام قبل الميقات بما إذا لم يتعلق النذر به.
والحاصل: أن النذر من العناوين الطارئة القابلة لتغير الواقع عما هو عليه من المصلحة والمفسدة، كالضرر والاضطرار وأمثال ذلك، فإذا ورد دليل بالخصوص على صحة نذر الحرام فلا محالة يكشف عن تقييد الحرام واقعا بما إذا لم يقع نذر على خلافه، وهذا كما ترى لا ربط له بما نحن فيه من عدم إمكان