____________________
هذه الآية دلالة نقض ما يقوله المعتزلة من أن الله تعالى قد أراد أن يطهر الخلق كلهم الكافر والمسلم وأراد أن يذهب الرجس عنهم جميعا. لكن الكافر حيث أراد أن لا يطهر نفسه ولا يذهب عنه الرجس لم يطهر، فلو كان على ما يقولون لم يكن لتخصيص هؤلاء عن التطهير ورفع الرجس عنهم فائدة ولا منة، فدل على أنه إنما يطهر من علم منه اختياره الطهارة وترك الرجس، وأما من علم منه اختيار الرجس فلا يحتمل أن يذهب منه الرجس أو يريد منه غير ما يعلم أنه يختار، وأن التطهير لمن يكون، إنما يكون بالله لا بما يقوله المعتزلة حيث قال: ويطهركم تطهيرا، إذ على قولهم لا يملك هو تطهير من أراد تطهيره، إذ لم يبق عنده ما يطهرهم، فذلك كله ينقض عليهم أقوالهم ومذاهبهم (إنتهى) ووجه الدفع ظاهر، وأيضا مدفوع بأن الإرادة للعامة التي أثبتها المعتزلة لله تعالى في تطهير كل الخلائق وهو إرادته ذلك مقرونا باختيار الخلق لا الإرادة الاجبارية المدلول عليها بقوله تعالى: ولو شاء الله لهديكم أجمعين، ونحوها من الآيات فوجه التخصيص ظاهر وفائدته ظاهرة والمنة فيه أوضح ولله الحمد والمنة. وأما ما ذكره من أن التطهير إنما يكون بالله لا بما يقوله المعتزلة الخ ففيه أنا نسأل عنه ونقول له: ما تريد أيها الماتريدي بما يقوله المعتزلة هيهنا ولم يسمع أحمد منهم القول: بأن التطهير وفعل العصمة صادر عن غير الله بل عدوهم ذلك من الألطاف وفسروها بأنها لطف يفعل الله بالمكلف لا يكون معه داع إلى ترك الطاعة وفعل العصية مع إمكان وجوده صريح في اعتقادهم أنه فعل الله تعالى فظهر إثباته بهذه النقوض المنقوضة الواهية علامة حرمانه من ألطاف الله تعالى بأمل تقر بنفحات لطفه سبحانه (منه قده)