أقول مراد المصنف قدس سره أنه يجب أن يكون الإمام أفضل وأكمل من الرعية في جميع أوصاف المحامد كالعلم والزهد والكرم والشجاعة والعفة وغير ذلك من الصفات الحمية والأخلاق المرضية، وبالجملة يجب أن يكون أشرفهم نسبا وأعلاهم قدرا وأكملهم خلقا وخلقا كما وجب ذلك في النبي بالنسبة إلى أمته، وهذا الحكم متفق عليه من أكثر العقلاء إلا أن أهل السنة خالفوا في أكثره كالأعلمية والأشجعية والأشرفية لأن أبا بكر لم يكن ذلك مع أن عمر وأبا عبيدة نصباه إماما، وكذا عمر لم يكن كذلك وقد نصبه أبا بكر إماما، ولم يتفطنوا بأن هذا الاختيار السوء قد وقع مواضعة ومخادعة من القوم حبا لجاه الخلافة وعداوة لأمام الكافة كما يكشف عنه قول طلحة حين كتب أبو بكر وصية لعمر بالولاية والخلافة حيث قال (2) مخاطبا لعمر: وليته أمس ولاك اليوم إلى غير ذلك من
____________________
(1) وأنت خبير أن الآية الثانية ليست في مقام منع مجرد الاستواء بين الهادي والمفضل بل في مقام بيان الأحق بالتبعية، وأن الأحق بها هو الهادي إلى الحق دون من يحتاج في الاهتداء إلى غيره.
(2) ذكره ابن قتيبة في السياسة والإمامة (ص 20 المطبوعة بمصر سنة 1356) في كتاب لأبي بكر بإملاء عثمان المتضمن لاستخلافه عمر ثم قوله لعمر خذ هذا الكتاب وأخرج به إلى الناس وأخبرهم أنه عهدي وسلهم عن سمعهم وطاعتهم، فخرج عمر بالكتاب وأعلمهم، فقالوا: سمعا وطاعة، فقال له رجل ما في الكتاب يا أبا حفص، قال لا أدري ولكني أول من سمع وأطاع، قال ولكني والله أدري ما فيه (أمرته العام الأول وأمرك العام.)
(2) ذكره ابن قتيبة في السياسة والإمامة (ص 20 المطبوعة بمصر سنة 1356) في كتاب لأبي بكر بإملاء عثمان المتضمن لاستخلافه عمر ثم قوله لعمر خذ هذا الكتاب وأخرج به إلى الناس وأخبرهم أنه عهدي وسلهم عن سمعهم وطاعتهم، فخرج عمر بالكتاب وأعلمهم، فقالوا: سمعا وطاعة، فقال له رجل ما في الكتاب يا أبا حفص، قال لا أدري ولكني أول من سمع وأطاع، قال ولكني والله أدري ما فيه (أمرته العام الأول وأمرك العام.)