تصرف يستقبحه العقل سواء صدر عن المالك على الاطلاق أو عن غيره كما لا يخفى وعلى ما حققناه ينبغي لأصحاب الناصب تعديه سريعا عما سماه بالتحقيق، وإن كان باسم ضده حقيق، والله ولي التوفيق.
قال المصنف رفع الله درجته ومنها أنه يلزم منه تجويز انتفاء ما علم بالضرورة ثبوته، بيانه إنا نعلم بالضرورة أن أفعالنا إنما تقع بحسب قصودنا ودواعينا، وتنتفي بحسب انتفاء الدواعي وثبوت الصوارف، فأنا نعلم بالضرورة أنا متى أردنا الفعل، وخلص الداعي إلى إيجاده وانتفى الصارف فإنه يقع، ومتى كرهنا لم يقع، فإن الانسان متى اشتد به الجوع، وكان تناول الطعام ممكنا، فإنه يصدر منه تناول الطعام، ومتى اعتقد أن في الطعام سما انصرف عنه، وكذا نعلم من حال غيره ذلك، فإنا نعلم بالضرورة أن شخصا لو اشتد به العطش ولا مانع من شرب الماء فإنه يشربه بالضرورة، ومتى علم مضرة دخول النار لم يدخلها، ولو كانت الأفعال صادرة من الله تعالى جاز أن يقع الفعل وإن كرهناه وانتفى الداعي إليه، ويمتنع صدوره عنا وإن أردناه وخلص الداعي إلى إيجاده على تقدير أن لا يفعله الله تعالى، وذلك معلوم البطلان، فكيف يرتضي العاقل لنفسه مذهبا يقوده إلى بطلان ما علم بالضرورة ثبوته؟ (إنتهى).
قال الناصب خفضه الله أقول: قد سبق في تحرير المذهب أن الأفعال تقع بقدرة الله تعالى عقيب إرادة العبد على سبيل العادة فإذا حصلت الدواعي وانتفت الصوارف يقع فعل العبد وإن جاز عدم الوقوع عقلا كما في سائر العاديات التي يجوز عدم وقوعها ويستحيل عادة فكذا كل ما ذكره من تناول الطعام وشرب الماء، فإنه يجوز أن لا يقع عقيب