أقول قد مر أن القول بسببية المحل والاتصاف الحاصل بدون الاختيار ضروري البطلان وينبه عليه بأن أفعال العباد مما يصح المدح والذم عليه اتفاقا، والغرائز الحاصلة في محلها ليست كذلك، لما وقع فيها الاختلاف، وبالجملة أنا نعم ضرورة قبح المدح والذم على كون الشخص طويلا أو قصيرا، أو كون السماء فوقه والأرض تحته، وإنما يحسن هذا المدح أو الذم لو كان للعبد فعل يصدر عنه، وأما تمثيله لذلك يمدح الرجل بحسنه وجماله وبمدح اللؤلؤة بصفاتها فمردود، بأن المدح وإن عم الاختياري وغيره، لكن مدح المؤمن على إيمانه مثلا إنما يقع من حيث اختياره في ذلك وإذ لا اختيار له فيه فينتفي المدح من تلك الحيثية، وهذا وهو مراد المصنف وحينئذ الاستشهاد بمدح نحو اللؤلؤة يكون خارجا عن المبحث كما لا يخفى.
قال المصنف رفع الله درجته الثالث الآيات الدالة على أن أفعال الله تعالى منزهة عن أن يكون مثل أفعال المخلوقين من التفاوت والاختلاف والظلم، قال الله تعالى: ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت (1) الذي أحسن كل شئ خلقه (2) والكفر والظلم ليس بحسن
____________________
(1) الملك. الآية 3.
(2) السجدة. الآية 7.
(2) السجدة. الآية 7.