خروج عن المبحث، لأن الكلام في الاختيار والقدرة قبل الفعل، وأما عند اختيار الفعل فلا يقدح وجوبه في الاختيار المتنازع فيه، لما تقرر من أن الوجوب بالاختيار (1) يحقق الاختيار ولا ينافيه، والوجوب الحاصل من تحقق الدواعي، والإرادة الجازمة من هذا القبيل، والحاصل أنا نختار أن المرجح هو الإرادة وأن الفعل يجب بها، وهذا الوجوب لا ينافي الاختيار التمكن من الترك بالنظر إلى نفس القدرة، بل يحققه، لأن القادر هو الذي يصح منه الفعل والترك قبل تعلق الإرادة الجازمة له وإن وجب بعد تعلق الإرادة به، وبالجملة أن كون الفعل واجبا بالغير لا ينافي كونه اختياريا في نفسه وأن لا يكون كحركة الجماد وهو المراد، وأيضا من المقرر أن الشئ ما لم يجب لم يوجد ولا شبهة أن هذا الوجوب
وجوب بالغير، فلو كان منافيا للاختيار لما وجد قادر مختار أصلا، إذ حين الوجوب لا يبقى التمكن من الفعل والترك كما لا يخفى، وأما ما ذكره الناصب في الحاشية بقوله: لما امتنع أن يكون الخ فهو اعتراض مذكور في شرحي المواقف والتجريد، وقد أجيب عنه بأن الفعل إنما يجب بتعلق إرادة العبد به وهو إنما يحصل بعد العلم بالنفع واختياره وهذا التعلق أيضا إرادي مسبوق بتعلق آخر متعلق إلى هذا التعلق وهكذا، لكن هذه التعلقات أمور انتزاعية اعتبارية لا استحالة للتسلسل فيها، والحاصل أنا نريد فعلا واحدا والعقل يجد بعد التأمل والتفصيل أن قد صدر عنا تعلق الإرادة بهذا الفعل، وتعلقها بهذا التعلق وهكذا، وبالجملة الداعي وهو تعلق الإرادة الجازمة على ما
____________________
(1) قال المحقق الطوسي في بعض رسائله: سؤال السائل أنه بعد حصول القدرة والإرادة هل يقدر على الترك كقول من يقول: الممكن بعد أن يوجد هل يمكن أن يكون معدوما حال وجوده (إنتهى) فافهم.
(1 مكرر) وسيعترف الناصب بذلك في الحاشية التي كتبها عليا المعارضة التي سيذكرها المصنف عن قريب (منه).