قال الناصب خفضه الله أقول: لو أراد من نفي جواز بعثة الرسول بهذه الأشياء الوجوب على الله تعالى فنحن نمنعه، لأنه لا يجب على الله شئ، وإن أراد بنفي هذا الجواز الامتناع عقلا فهو لا يمتنع يمتنع عقلا، وإن أراد الوقوع فنحن نمنع هذا، لأن العلم العادي يفيدنا عدم وقوع هذا، فهو محال عادة، والتجويز العقلي لا يوجب وقوع هذه الأشياء كما عرفته مرارا، ثم إنه صدر كلامه بلزوم مخالفة الضرورة وأي مخالفة للضرورة في هذا البحث (إنتهى).
أقول نختار أولا الشق الأول، ونقول: قد بينا أن الوجوب بالمعنى الذي ذهب إليه أهل العدل لا يقبل المنع، وثانيا فنقول: العقل السليم إذا نظر إلى ذات الله المستجمع لجميع الصفات الكمال المنزه عن آثار النقص والاختلال يحكم بامتناع أن يبعث رسولا دينه خلاف ما اقتضاه كماله، وثالثا الشق الثالث و نقول: إن ما ذكره من أن العلم العادي يفيدنا عدم وقوع هذا تهمة على العلم العادي، أو على وجدانهم، فإن العادة كما ذكرنا سابقا لما جاز التخلف فيها، فلا يفيدهم ذلك إفادة قطعية يقتضيه ما نحن فيه من تقرير العقيدة الدينية، وبما قررناه ظهر أن ما ادعاه المصنف عليهم من لزوم مخالفة الضرورة ضرورية، فاستفهام الناصب عن ذلك دليل على قلة فهمه أو مكابرته وإنكاره للضروريات كما هو عادته و عادة أصحابه.
قال المصنف رفع الله درجته ومنها أنه يلزم أن يكون الله تعالى أشد ضررا من الشيطان، لأن الله تعالى لو خلق الكفر في العبد ثم يعذبه عليه، لكان أضر من الشيطان لأن الشيطان لا يمكنه أن يلجئه إلى القبائح بل يدعوهم إليها، كما قال الله تعالى: وما كان لي عليكم من سلطان إلا