قال المصنف رفع الله درجته ومنها سقوط محله ورتبته عند العوام فلا ينقادون إلى طاعته، فتنتفي فائدة البعثة، ومنها أنه يلزم أن يكون أدون حالا من آحاد الأمة، لأن درجات الأنبياء في غاية الشرف، وكل من كان كذلك كان صدور الذنب عنه أفحش كما قال الله تعالى:
يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين (4) والمحصن يرجم وغيره يحد وحد العبد نصف حد الحر، والأصل فيه أن علمهم بالله أكثر وأتم وهم مهبط ويحه ومنازل ملائكته، ومن المعلوم أن كمال العلم يستلزم كثرة معرفته والخضوع والخشوع، فينافي صدور الذنب لكن الاجماع دل على أن النبي (ص) لا يجوز أن يكون أقل حالا من آحاد الأمة، ومنها أنه يلزم أن يكون مردود الشهادة لقوله تعالى: إن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا (2) فكيف يقبل عموم شهادته في الوحي؟ ويلزم أيضا أن يكون أدنى حالا من عدول الأمة وهو باطل بالاجماع، ومنها أنه لو صدر عنه الذنب لوجب الاقتداء به لقوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول (3) لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فاتبعوني (4) والتالي باطل بالاجماع وإلا اجتمع الوجوب والحرمة انتهى.
قال الناصب خفضه الله أقول: قد سبق أن هذه الدلائل حجة على من قال بجواز صدور الكبائر عنهم
____________________
(1) الأحزاب. الآية 30 (2) الحجرات. الآية 6 (3) النساء. الآية 59 (4) الأحزاب. الآية 21