أقول ما ذكره مضمون الحديث (1) لا مذهب الأشاعرة والدليل عليه أنهم جوزوا تكليف المعدوم كما مر قبيل ذلك، فلا يستبعد منهم القول بجواز تكليف الصبي والمجنون بل تكليفها أولى بالجواز من تكليف المعدوم كما لا يخفى، وكيف ينكر ذلك مع ذكر احتجاجهم والرد عليهم في كتب الأصول فإنهم احتجوا بأن الأمر بالمعرفة إن توجه على العارف لزم تحصيل الحاصل، وإلا ثبت المطلوب، لاستحالة معرفة الأمر قبل معرفة الأمر وبأن الغرامة تجب على الصبي المجنون ولقوله تعالى:
ولا تقربوا الصلاة، وأنتم سكارى والجواب أن المعرفة واجبة عقلا ولا بالأمر وإيجاب الغرامة لا يستلزم الوجوب على المجنون والصبي، فإن وجوب ضمان قيمة التلف وثبوت الزكاة في أموالهم لا يتعلقان بأفعالهم وليس ذلك تكليفا لهم، بل هو من باب الأسباب والمكلف بإخراجها الولي، وصلاة المميز غير مأمور بها من جهة الشارع بل من جهة الولي، وخطابه مفهوم للصبي بخلاف خطاب الشارع، وبأن المراد بالسكران هيهنا من ظهرت منه مبادي الطرب ولم يزل عقله وهو الثمل (2)، وأيضا قال الشارح البدخشي للمنهاج عند قول المصنف: المسألة الثانية
____________________
(1) رواه صاحب التاج الجامع الأصول (ج 1 ص 154 ط مصر) عن أبي داود والنسائي والحاكم بأسانيدهم المنتهية، إلى علي عليه السلام عن النبي (ص) قال: رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل، وورد في الجامع الصغير للسيوطي (الجزء الأول ص 600) عن علي عليه السلام وعن عايشة.
(2) بفتح الثاء المثلثة وكسر الميم، من أخذه شرب السكر.
(2) بفتح الثاء المثلثة وكسر الميم، من أخذه شرب السكر.