صريحة كما لا يخفى، وقد تحقق بما فصلناه أن الإمامة خلافة عن النبوة قائمة مقامها كما أشار إليه المصنف، فإذا كان كذلك
فكل ما استدللنا به على
وجوب النبوة في حكمة الله تعالى فهو يعينه دال على
وجوب الإمامة في حكمته أيضا، لأنها سادة مسدها لا فرق بينها وبينه إلا في تلقي الوحي الإلهي بلا واسطة، وكذا الكلام في الشرائط المعتبرة عندنا، وأما ما ذكره الناصب من اشتراط الاجتهاد فمردود بأن رتبة الإمام أجل وأعلى من ذلك كما أن
النبي (ص) كذلك لما سيجئ في مباحث
أصول الفقه من الأدلة على ذلك: ومنها أن الاجتهاد قد يخطئ ووقوع الخطاء من
النبي (ص) عندنا كان محالا لثبوت عصمته كما مر، فكذا الإمام القائم مقامه كما سبق، ولأن الإمام إن لم يكن مؤيدا بالوحي لكنه متمكن من الالهام ومطالعة اللوح المحفوظ كما يدل عليه كلام الشيخ (1)
ابن حجر العسقلاني في شرح ما رواه البخاري من حديث اعتراض
النبي (ص) على
الحسن (ع) أيام
رضاعه عند وضع بعض ثمرات
الصدقة في فمه بقوله: كخ كخ (2) أما تعلم أن
الصدقة حرام علينا، فإن الشيخ المذكور أجاب عن قول من استبعد اعتراض
النبي (ص) على الحسن في حال
رضاعه وعدم كونه مكلفا بعدم استواء حال
الحسن (ع) وحال غيره لأن
الحسن (ع) في تلك الحال كان يطالع اللوح المحفوظ، على أنه لو بنى على كفاية اشتراط الاجتهاد في الإمام فربما لزم إفحامه، لأنه يقول له المكلف:
لا يجب علي اتباعك حتى أعرف أن ما نقوله صواب غير ناش عن حال غلبة القوة الشهرية ولا أعرفه إلا بقولك وقولك ليس
بحجة دائما بل حال غلبة القوة العقلية المساوقة للعصمة، ولا أعرف أن هذه الحال هي تلك الحال فينقطع الإمام، لا يقال: لم لا
يجوز ____________________
(1) قد مرت ترجمته في أوائل هذا الجزء فليراجع.
(2) رواه أيضا في البيان والتعريف (ج 2 ص 139 ط مصر) عن الصحيحين ولكن يدل أما تعلم أما شعرت وروى البخاري نظير ذلك فراجع ثم كلمة كخ اسم فعل بمعنى (الق)