قبيح وظلم، وبهذا يعلم أيضا خطأ ما ذكره: من أن تعذيب العاصي بواسطة كونه محلا للفعل الموجب للعذاب، إذ لا
اختيار للعبد في المحلية التي هو أحد معاني الكسب على رأي
الأشاعرة، فلا وجه لاستحقاق المدح والذم باعتبارها، وأما ما أخبر به الناصب من الأمر الداعي لأصحابه إلى تخصيص الخلق بالله تعالى فليس فيه عن الصحة خبر، ولا عين ولا أثر، لما مر أن الشرك ومماثلة العبد للرب في الخالقية إنما يلزم أهل العدل لو لم يقولوا: بأن العباد أنفسهم من مخلوقاته تعالى وأن قدرتهم تمكنهم منه تعالى، وأن ما يخص بخلقه تعالى له من الجواهر الملكوتية والأجرام السماوية والأجسام الأرضية صنعا وابداعا أجل وأعلى مما يخص العباد بخلقهم له من بعض الأعراض التي أكثرها يليق بالنفي والإعراض والذم والاعتراض، ولو كان مجرد مشاركة العبد مع الرب تعالى في الخلق بعض الأعراض والأفعال الضعيفة موجبا للشرك المهروب عنه لكان المشاركة في الوجود والشيئية والتعين والهوية والصفات الزائدة والرؤية على مذهب
الخصم موجبا للشرك المهروب عنه، فإن المشاركة في هذه المذكورات أصرح من ذلك كما لا يخفي على المتأمل.
قال المصنف رفع الله درجته ومنها أنه يلزم مخالفة
القرآن العظيم (الكتاب
العزيز خ ل) والسنة المتواترة والاجماع وأدلة العقل، أما الكتاب فإنه مملوء من إسناد الأفعال إلى العبيد (1)، وقد تقدم بعضها، وكيف يقول الله تعالى: تبارك الله أحسن الخالقين (2) ولا خالق سواه، وقوله، إني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (3)، ولا
____________________
(1) وقد تقدم سرد تلك الآيات الشريفة في (ج 1 ص 413) (2) المؤمنون. الآية 14.
(3) طه. الآية 82.